.. من منا لا يحن لموال الراحل خليفي أحمد أو لشعر سيدي لخضر بن خلوف أو كلمات الراحل محبوب باتي وبلاوي الهواري، أسماء سجلت أحرفها من ذهب في سجل الأغنية الجزائرية ليس من خلال الأداء فقط بل بناء على قدرتهم على كتابة الكلمات التي ظلت ولوقت طويل تصنع الفرجة والمتعة للجمهور الجزائري، وبقيت منفذا تستخدمه أجيال متتالية لصنع الشهرة، بإعادتها لتلك الاعمال الفنية التي نجحت في زمن ما..
لقد صنعوا تاريخا للأغنية الجزائرية وسمحوا لها بالوصول للعالمية، وخلقوا جسورا للمرور إلى قاعات الزينيت وكبرى المحافل الدولية وجلبوا الاحترام لثقافة بلادهم عموما ،من خلال حجز مكانة لها ضمن التراث العالمي.
يبقى الحنين يراود محبو الفن دائما للستينيات والسبعينيات ذلك الزمن الجميل الذي بزغ فيه جيل ذهبي في مختلف طبوع الأغنية الجزائرية، فمن الشعبي مع الحاج العنقى وقروابي وعمر الزاهي، الراي مع الشاب خالد، المالوف مع الحاج الطاهر الفرقاني، والحوزي مع الشيخ الغفور والأغنية القبائلية مع سليمان عازم والشاوية مع عيسى الجرموني ناهيك عن رابح درياسة وأسماء أخرى بلغت النجومية بفضل كلمات ليست كالكلمات كتبها رجال في الظل وذهبوا في صمت في صورة تؤكد تنكرنا لكل الذين يعملون وراء الستار وإيماننا فقط بالحلقة الأخيرة من كل شيء.
نبكي على الأطلال في زمن تتوفر فيه كل الشروط لإنتاج العمل الجيد، في زمن انكسرت فيه السلسلة المفروضة للوصول الى اغنية ناجحة وهادفة، غاب فيه احتكاك الشاعر والملحن والمطرب، حيث اصبح كل
طرف يريد ان ينفرد بالاغنية يكتب كلماتها يلحنها ويؤديها، وهنا نتساءل متى يستفيق الفنان الأناني من هذا التصرف المضر بثقافة بلاده عموما وتراثه على وجه الخصوص، حيث تبقى النصوص الشعرية وهي كثيرة حبيسة طيات
الدواوين، في حين ان الاداء الغنائي هو السبيل الامثل للتعريف بما ينظمه شعراؤنا من جهة، وما يقوم به الملحن من جهة اخرى.
هذا الملف المتواضع وقفة لكل من ساهم من بعيد في ترقية الفن الجزائري من خلال الكتابة، التي تبقى مرجعا لحماية التراث وشهادة لكل من دون الثقافة الجزائرية، وابتعد عن الانانية وافات الربح السريع والظفر بالمال.. هذه الخدمة نثمنها ولو كانت بكلمات.