رغم الأشواط الكبيرة التي قطعتها الدول الإفريقية، نحو إرساء الاستقرار والحكم الراشد، سواء عن طريق الجهود الجماعية عبر الاتحاد الإفريقي أوالتكتلات الاقتصادية الاقيلمية، إلا أن ظاهرة الانقلابات العسكرية والإطاحة بأنظمة الحكم، سرعان ما تنسف كل العمل المنجز وتعيده إلى نقطة الصفر، بل تتحول إلى بؤرة توتر خطيرة على امن القارة، وتفتح الباب على مصراعيه أمام التدخلات الأجنبية.
ووقع أول أمس الانقلاب العسكري الثاني الذي تشهده القارة الإفريقية في ظرف سنة، عندما سيطر متمردو إفريقيا الوسطى على القصر الرئاسي، ودفعوا بالرئيس بوزيزي، إلى الفرار عبر نهر إلى الكونغو، ليتحول بين عشية وضحاها إلى لاجئ بعد أن كان رئيس دولة ذات سيادة.
وجاء هذا الانقلاب في نفس توقيت الإطاحة بالرئيس المالي امادو تومانو توري في ٢٢ مارس العام الماضي من طرف عسكريين ، وهو ماكلفها ثمنا غاليا، وأصبحت على إثره عبئا ثقيلا على المجتمع الدولي ومنطقة الساحل.
ويخشى تكرار السيناريو المالي في إفريقيا الوسطى، ليس من ناحية الخطر الإرهابي، ولكن من ناحية الاضطرابات الداخلية وأحداث العنف بين أنصار المتمردين والسلطة الشرعية، مما يفاقم من معاناة الشعب، ويؤثر على دول الجوار.
وسيجد الاتحاد الإفريقي نفسه، أمام حالة انفلات جديدة، ناتجة عن تدخل العسكر في الحياة المدنية، تتطلب استنفارا سريعا لاحتوائها وإيجاد مخرج سريع لها، كي لا يطول عمر الأزمة، علما أن العقوبات التي ستفرض على قادة الانقلاب لن تزيد إلا تعميقها.
وتكشف مثل هذه الأحداث، أن تنظيم الحياة السياسية في إفريقيا، يمثل اكبر تحد تواجهه دول القارة، وينبغي إيجاد حلول جذرية لنزع المسببات الكامنة وراء حركات التمرد التي لا تنتهي وتحولت, إلى داء مزمن، يؤرق جهود القارة في الاقلاع والخروج الأبدي من ظاهرة العسكريتاريا.
هاجس الانقلابات
¯ حمزة محصول
24
مارس
2013
شوهد:890 مرة