زارني، أول أمس، وأنا في عز اليقطة طيف ابن الجزائر، الطفل إسلام خوالد، الذي حُوّل إلى مؤسسة إعادة التربية بالمملكة المغربية عقب صدور قرار إدانته بسنة حبسا من طرف القضاء المغربي، طيف ذكرني بمشهد البطل الصغير «بْتِي عُومار» وهو في مخبأه رفقة أبطال معركة الجزائر خلال محاصرتهم من طرف قوات المظليين الفرنسيين، وكيف رفضوا جميعهم الاستسلام وفضلوا التضحية من أجل الجزائر.
لقد استذكرت نظرات البطل «بتي عومار» خلال الحصار الفرنسي وتخيلت خلالها نظرات «إسلام» في الوقت الذي كان فيه القاضي ينطق بالحكم، فوجدتها تحمل الصمود نفسه، والتحدي نفسه، والتضحية نفسها، واختلطت عليّ صورة «بتي عومار» بصورة «إسلام»، ولم أعد حينها أُفَرق بينهما لأنهما كانتا الاثنتين تجسدان أبطال من أطفال الجزائر.
أُقر بأنني في البداية تأثرت وتعبت نفسيا وأنا أتخيل الطفل «إسلام» في الزنزانة، لكن سرعان ما انتابني شعور بالاعتزاز والفخر، وغمرتني حمى من الصمود والثبات بمجرد ما تذكرت أننا في يوم ١٩ مارس، يوم النصر المجيد، يوم انتصر «بتي عومار» على عسكر فرنسا لأنه وهو الطفل الصغير رفض الاستسلام وترفع عن العيش تحت الاستعمار، فزاد يقيني مرة أخرى بأن نصر «إسلام» سيأتي لا محالة، فقدر أطفال الجزائر أن يكونوا أبطالا حتى في صغرهم، فلا تنسى الوعد الذي قطعناه لك.
نذكرك «إسلام»، والذكرى تنفع في وقت الشدة، أن كل محنة تزيد الرجال صلابة، وتزيد الأطفال نضجا وتحديا، فلا تأبه لطفولتك التي انتهكت، ولا لبراءتك التي رُوِّعت، فأنت بطل سليل الأبطال، وأمك الثائرة دوما، المتمسكة في كل الظروف والأحوال بقيمها الثابتة ومواقفها المبدئية لن ترضخ لسياسة لي الذراع والمساومة، وستعرف، كما في كل مرة، كيف تنتصر لنفسها ولأبنائها الأبطال..
لذلك علينا دائما الدفاع عن الحقيقة..
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.