وقف إطلاق النار كان تتويجا لمفاوضات شاقة ومضنية مع الطرف الفرنسي الذي أراد المناورة من أجل تقسيم الجزائر.. ومهما كان الحديث عن إتفاقيات إيفيان، فإنها حلقة قوية من حلقات دعم الثورة، وتعزيزها بالإستقلال الكامل للأرض الجزائرية.
والنقطة التي كانت دائما تشدّ إنتباه المتتبعين لتاريخ الجزائر.. هي المحاولات الفرنسية التي كانت ترمي فيما ترمي إلى فصل الشمال عن الجنوب، خلال كل تلك السلسلة من الجلسات بين الوفدين الجزائري والفرنسي.. وكلما طرح الجزائريون قضية الصحراء،، لا يجدون إجابة واضحة من المفاوض الآخر الذي يبحث عن كل الحجج للتهرب من الرد.. وفي كل مرة كان يطلق على مسماعهم «علينا باستشارة ديغول»، ولم يكتف الوفد الفرنسي بهذا.. بل كان في كل مرة يحمل معه إلى الطاولة ملفات ضخمة ذات طابع تقني بحت قصد تعجيز الجزائريين.. والتشويش على أفكارهم والتأثير على مواقفهم فيما يتعلق بتمسكهم بمبدأ جزائر واحدة موحدة.. ورفض التقسيم رفضا كاملا.. هذا ما أقلق الطرف الفرنسي إلى درجة لا تطاق، خاصة مع العجز الذي أظهره في إقناع المفاوض الجزائري بخزعبلاتهم.. وإدعاءاتهم وأكاذيبهم التاريخية.
فالصحراء جزء لا يتجزأ من كامل الأراضي الجزائرية، وكل الآلاعيب الفرنسية باءت بالفشل.. ففي كل مرة كانت العامل الذي أجج لهيب الثورة.. وهذا عندما أراد الفرنسيون السعي من أجل فصل الصحراء عن باقي الجزائر.
لذلك، فإن اتفاقيات إيفيان.. ترجمت الإنشغالات الجزائرية، خاصة في إستعادة الأرض، بعد حرب ضروس، إنتهت باستسلام ديغول لكل الشروط التي فرضها المفاوض الجزائري.. بعد أن كان الميدان قاسيا على الفرنسيين وتلقيهم ضربات موجعة على أيدي الثوار الجزائريين في الجبال والمدن.
اليوم يحي الجزائريون هذه الذكرى وهم يستحضرون لحظات قوية من تاريخهم المجيد.. ومثلما تعهدوا به في أول نوفمبر ١٩٥٤ بتحرير الوطن، كل الوطن.. كان الأمر كذلك في ١٩ مارس ١٩٦٢، إننا في هذا اليوم نستحضر كل الشهداء الأبرار الذين قدموا أنفسهم قربانا للحرية في الأرض الجزائرية الطيّبة.
قوة المفاوض الجزائري...
جمال أوكيلي
17
مارس
2013
شوهد:819 مرة