الحصاد المر والمأساوي بعد عامين من التخريب العربي ووهم تحقيق الديمقراطية الموعودة في إطار ما يسمى بـ «الربيع العربي» فضح المخططات الغربية التي تؤلب الشعوب العربية على حكامها بدعوى تحريرها وانتشالها من قاع الاستبداد إلى قمة الحرية.
الدول الربيعية لا تزال، إلى حد الآن، تتخبط في الفوضى الناتجة عن الثورات التي عاشتها، والتي لا تبدو نهايتها قريبة، هي فوضى خلاقة بالفعل ولكن لكل ما هو سيء وقبيح، فهذه مصر تحترق ومؤسساتها الدستورية تنهار وسيناءها تضيع.. وتونس تدخل عهد الاغتيالات السياسية وبروز مظاهر الدولة الموازية.. وليبيا تعيش الهدوء الذي يسبق العاصفة.. واليمن تائه في الفراغ الدائم.. وسوريا تغرق في شلالات من الدماء..
ورغم ذلك يصر الغرب على جر باقي البلدان العربية جرا إلى هذا المستنقع الأسود مما يدفع إلى التساؤل، لماذا التركيز على الوطن العربي؟! وما دام الهدف من هذا الربيع هو تشجيع الانتقال إلى النظام الديمقراطي ونشر قيم الحرية ومبادئ حقوق الإنسان، لماذا يتم استثناء البلدان الإفريقية من «خيرات» المشروع الغربي؟! أم أن هذه الدول ليست في حاجة لذلك وتعيش عصرا ذهبيا من الديمقراطية وحقوق الإنسان، وشعوبها تتمرغ في كنف الرخاء والتقدم الاقتصادي؟!.
بالطبع لا.. فمعظم البلدان الإفريقية لا تزال تعيش العصور الأولى من الحكم البدائي، فهناك أنظمة انتهت مدة صلاحيتها منذ سنوات ومع ذلك يبقى مسكوت عنها، بل ويتم حمايتها، فيما تظل شعوبها محرومة من أبسط حقوقها، هذه الدول تبقى خارج الاهتمام الغربي وغير معنية بالدعم المسموم الذي يرصده لتشجيع انتشار ربيع الخراب والدمار.
إذن الأمر لا يتعلق بإرساء قيم ومبادئ الديمقراطية، وإنما بإضعاف هذه البلدان الغنية عبر ضرب استقرارها حتى يسهل التحكم في استغلال مواردها الطبيعية لمواجهة تبعات عدم تراجع حدة الأزمة الاقتصادية العالمية التي تتفاقم انعكاساتها باستمرار خصوصا على عالم الشغل الذي يواصل الانحصار وفقدان المزيد من مناصب العمل، وفي ظل اشتداد الأزمة المالية واستمرار ارتفاع أسعار الطاقة.
لذلك علينا دائما البحث عن الحقيقة كاملة..
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.