فرنسا الاستعمارية أصبحت قوة نووية ودخلت نادي الكبار على حساب أرواح وآلام الجزائريين الذين لا تزال أعدادهم ترتفع إلى غاية اليوم بسبب مخلفات إشعاعاتها النووية التي أفرزها أكثر من ٥٠ تفجيرا وتجربة نووية منذ عملية «اليربوع الأزرق» بصحراء رقان، ومع ذلك تواصل التملص من المسؤولية والتهرب من تعويض الضحايا..
ونحن نواصل كل سنة استحضار هذه الذكرى الأليمة والبكاء على الأطلال حتى تنتفخ جفوننا وتتورم عيوننا، ثم ما نلبث أن ننسى كل شيء لأننا لا نملك مجتمعا مدنيا فاعلا، فالقضية ليست قضية المؤسسات الرسمية للدولة التي نعم يبقى من واجبها توفير الدعم المادي والتقني، وإنما هي قضية الجمعيات المدنية والمنظمات الأهلية التي أضحى دورها يتعاظم عبر العالم وتأثيرها في دوائر صنع القرار كقوة ضاغطة يتنامى ويناطح حتى تأثير لوبيات المال والأعمال..
في هكذا وضع، فان لعنة «اليربوع الأزرق» ستطاردنا نحن الضحايا أصحاب الحق بعدما ظلت في السنوات الماضية نقطة سوداء في السجل الإنساني والأخلاقي لفرنسا، ذلك أننا لم نتمكن إلى حد اليوم من استرجاع حقوق ضحايا التفجيرات النووية الفرنسية في صحرائنا.. أو لا يعد هؤلاء جزء من شهداء الجزائر؟ نعم بكل تأكيد.. وسنبقى مدينون لهم بواجب الوفاء كوفائنا لبن مهيدي وعميروش وسي الحواس..
إن قانون مورين، كما هو حاليا، لن يمنح الضحايا الجزائريين حقوقهم، وسنكون سذجا إذا اعتقدنا عكس ذلك، فقد تم اعتماده وتفصيله من أجل تبييض وجه فرنسا الاستعمارية ليس إلا.. بدليل أن لجنة دراسة طلبات التعويض التي أنشئت بمقتضاه رفضت أغلب ملفات الجزائريين بحجة عدم تطابق الأمراض المصرح بها مع القائمة «الضيقة» المحددة في القانون.
ومن هنا تحديدا يمكن أن ينطلق عمل المجتمع المدني بالتركيز على العمل من أجل فرض مراجعة هذا القانون الصادر سنة ٢٠١٠، ثم المطالبة بتخفيف شروطه التعجيزية وتوسيع قائمة الأمراض والإصابات الموجبة للتعويض، ويبدو ذلك ممكنا إذا ما أخذنا تصريحات الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالجزائر نهاية السنة الماضية على محمل الجد حيث أقر بأن هذا القانون لم يطبق بالإرادة اللازمة، ما يوحي بأنه ترك الباب مفتوحا لإمكانية تعديله مستقبلا.
ولكن قبل ذلك لابد من تحريك المجتمع المدني حتى يؤدي دوره ومهامه كما يجب، وهو ما ننتظر أن تحققه عملية التطهير المقرر أن تمس الجمعيات والمنظمات الوطنية هذه السنة، والتي من المفترض أن ترفع الدعم عن الجمعيات الصورية والمناسباتية.
لذلك علينا دوما مواصلة البحث عن الحقيقة كاملة..
لعنة «اليربوع الأزرق»..
¯ يكتبها: توفيق يوسفي
14
فيفري
2013
شوهد:936 مرة