مرة أخرى، يعود الوزير الأول عبد المالك سلال إلى إزالة الالتباس حول مضمون قانون المالية والتدابير المتخذة لمواجهة ظرف اقتصادي صعب جراء تراجع أسعار البترول وسقوطها الحر. وهو تراجع أفقد البلاد نصف مداخيلها في ظرف قصير وفرض الرهان على بدائل استراتيجية تنجز خلالها قطاعات الثروة الدائمة غير الريعية وتوفر مناصب عمل تساهم بدورها يد عاملة مؤهلة في الحركية التي يصنعها الإنسان أولا ودائما.
من سطيف طمأن سلال الجزائريين، عملاً بتوجيهات رئيس الجمهورية حول إطلاع المواطنين بحيثيات الظرف الصعب وتحسيسهم بالخيارات المفتوحة وإشراكهم في مسعى تسيير مرحلة، أن الحكومة تتحكم في الوضع وهي سائرة بخطى متزنة من أجل الدفع بوتيرة الاقتصاد الوطني إلى الأمام، متكلة على الاستثمارات الكبرى في إطلاق الأقطاب الصناعية للتصدير بدل الاستيراد الذي يستنزف الطاقات والموارد ويكرس الاتكالية على الآخر.
في هذا الكلام ردّ صريح على أصحاب الغوغائية المتمادين في زرع الشكوك في الأنفس وتخويف المواطنين بأن عام 2016 سيكون الأصعب والأسوأ، دون وضع في الحسبان المشاريع التي تنجز والبرامج قيد الدراسة والتشييد. وهي مشاريع وجهت لها اعتمادات مالية وتشريعات ترافقها وتهيأ الأرضية لها لتحقيق الإنتاج والقيمة المضافة، المورد المالي الآتي من جهد الإنسان وفكره.
فقد نص قانون المالية على ترشيد النفقات، ترتيب الأولويات وتشجيع المؤسسة الجزائرية على الإنتاج وتمويل السوق بما يحتاجه والمواطن بما يتطلع إليه، دون الإبقاء على باب الاستيراد مفتوحا أمام أي سلعة وخدمة وما تعنيه من تشجيع للاستهلاك الأجنبي وترقية منتوجه على حساب المحلي، في محيط دولي مضطرب تهزه أزمة مالية اقتصادية هيكلية أدت بدول رائدة في الليبرالية إلى الخروج عن قاعدة العرض والطلب والتدخل في إدارة العملية الاقتصادية.
نصّ القانون على إعطاء المؤسسة الجزائرية الأولوية للقيام بشراكة عمومية وخاصة، همّها التموقع في خارطة الأعمال والاستثمار ودخول رحاب المنافسة المفتوحة بتحرير المبادرة وكسر قاعدة البقاء أسيرة الجدل العقيم والنقاش غير المجدي الذي ينقل أوجه الصراع الوهمي إلى ما هو عمومي وخاص وترك فرصة الإقلاع تمر دون استغلال ومواجهة بعقلانية وفكر بعيدا عن الغوغائية وتسويد الواقع، مثلما يترجمه الخطاب التيئيسي المتمادي في ضرب كل إنجاز وترديد لما يصفه “كلّ ليس على ما يرام”.
