تدّخلات مؤجّجة

س / ناصر
13 ديسمبر 2015

يعود استفحال الأزمات وإطالتها في الدول العربية التي تعرف مشاكل اقتصادية واجتماعية وأمنية إلى التدخلات الخارجية الدولية والإقليمية ولو ترك الأمر للقوى الداخلية لسويت الأمور سريعا وأنقذت الآلاف من الضحايا واحتفظ بالقدرات المادية والبشرية من بنى تحتية، كفاءات وغيرها.
فالأزمة السورية والليبية تفاقمت مع التدخل الخارجي وللأسف دون غطاء شرعي أو تكليف أممي رغم أن المواثيق الدولية والقوانين ترفض رفضا قاطعا أي تدخل في الشؤون الداخلية للدول، مع ذلك نجد التحالف الغربي بقيادة أمريكا يشن غارات جوية باسم محاربة داعش على سوريا دون التنسيق مع النظام السوري وعلى العراق، ما جعل تدخله دون نتيجة فعالة على الأرض وقد فعل ذلك من قبل في بلاد الرافدين بذريعة أن العراق يملك القنبلة النووية، وبمرور الوقت اتضحت أكاذيبه، لكن بعد تخريب العراق واحتلاله أكثر من ثمان سنوات ومازالت آثاره التدميرية ماثلة للعيان إلى غاية اليوم .
ومن التصريحات التصعيدية في الشأن الداخلي السوري قول البعض بأنه على الأسد أن يرحل بترك الحكم طواعية أوعن طريق القوة في حين أن الذي لديه الحق في بقاء الأسد في سدة الحكم أو رفضه هو الشعب السوري دون سواه ولا يحق لغير السوريين أن يقرروا مكانهم فالشعب السوري هو السيد وبإمكانه أن يحدث التغيير عن طريق الانتخابات.
فقد جاء مؤتمر الرياض للقوى السورية المعارضة بعد اتفاق الدول الكبرى المعنية بالملف السوري في نوفمبر في فيينا لوضع حد للنزاع من خلال حكومة انتقالية وإجراء انتخابات وعقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة مع بداية العام الجديد، وهو ما لاقى انتقادا لاذعا حيث رفض الأسد وحتى المعارضة الداخلية الحوار مع من رفع السلاح ضد السوريين.
أما موسكو فقد انتقدت مؤتمر الرياض الذي اعتبرته بعيدا عن تمثيل المعارضة حيث أن قسما كبيرا من المعارضين قرروا مقاطعة الاجتماع لأنهم رفضوا الجلوس إلى الطاولة نفسها مع من يعتبرونهم متطرفين وإرهابيين، وجاءت الانتقادات قبيل لقاء كيري مع الرئيس الروسي بوتين في موسكو غدا الثلاثاء للبحث عن حل سياسي للأزمة السورية.
نفس الشيء نجده في التدخل الأجنبي في ليبيا، فهذه الأخيرة كانت آمنة مستقرة لكن تدخل الحلف الأطلسي وبالخصوص فرنسا للإطاحة بالنظام السابق أدخل ليبيا في فوضى عارمة، وهاهي اليوم تهدد رفقة بريطانيا باستعمال القوة إذا لم تتوصل الأطراف الليبية إلى التوقيع على الاتفاق السياسي وإقامة حكومة وحدة وطنية وهناك أطراف خارجية تعمل على ألاّ يتم الاتفاق بين الفرقاء .
فهلا رفعتم أيديكم عن هذه الشعوب المقهورة وتركتموها تقرر مستقبلها ومن يحكمها بنفسها بالاحتكام للصندوق بعد أن تتصالح مع ذاتها وتتخلى عن أنانيتها وتفضيل المصلحة العامة عنها، عندها فقط يمكنها أن تنهض إلى مصاف الدول الكبرى.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024