الصّرامة في تسيير الموارد المالية

جمال أوكيلي
25 سبتمبر 2015

 

الخيار الذي اعتمدته السلطات العمومية في نطاق تسيير النفقات ينبني على الصرامة تجاه مصاريف المؤسسات والإدارات، وهذا بالكف عن استمرار تلك السلوكات السابقة التي لم تراع الحالات الإستثنائية التي قد تتعرض لها بحكم عوامل عديدة، وتؤدي إلى تسجيل ثغرات معينة تعود بالسلب على الميزانية أو المخصصات للتجهيز أو التسيير.
وتندرج التعليمات التي أصدرها الوزير الأول السيد عبد المالك في هذا السياق، هي دعوة صريحة مقرونة بمتابعات ميدانية تطلب من كل معني بها أن يراجع «نسخته» بشكل معمّق من خلال التخلص من كل المبادرات التي كانت تتّخذ على مستوى الإدارة المالية تجاه وسائل العمل  قد تبدو عادية لكنها تعود بالسلب على التسيير دون أن يشعر بذلك المسؤولون انطلاقا من العادة طبيعة ثانية، ألا وهي الإنفراد بفصل خاص لكل تلك الكماليات، والتي يصفها الكثير بغير الأساسية ويمكن التخلي عنها.
وجاءت تلك التعليمات المتتالية وهي سلسلة من التنبيهات الموجّهة للمشرفين المباشرين على هذه المؤسسات والإدارات كي ينتهجوا من الآن فصاعدا رؤية جديدة مخالفة لما كان سائدا حيال ما كلّفوا به من مهام خاصة تلك المتعلقة بالأموال.
لذلك فإنّ التعليمة التي أشارت إلى ترشيد النفقات العمومية، والصادرة في بداية هذا الشهر تعني كل القطاعات الحيوية سواء الخدماتية أو الإنتاجية أو الادارية، مطالبة المسيرين بضرورة التحلي بأكبر قدر من الصرامة في تسيير الموارد المالية الممنوحة لهم.
وفي توضيح أكثر قائم على الدقة في تحديد إطار نشاط هولاء، فإنّ هذه الموارد توجه حصريا إلى النفقات المفيدة واللازمة لضمان المهام المنوطة، وعدم تخصيصها بأي حال من الأحوال لأغراض غير ضرورية، والمسؤولية محددة هنا تجاه المسار الذي يستوجب أن تتحرك فيه الإعتمادات وردت على شكل أغراض غير ضرورية.
وحتى تكون هذه الإجراءات حاملة للطابع العملي ولا تبقى مجرد عموميات، فإن تقليص نفقات التسيير حددت نسبتها بـ ٤ ٪، كما أن الخدمات الهاتفية والمستلزمات الأخرى يتطلب أن تخفض إلى ٢٠ ٪، وفي نفس الإتجاه يشطب كل ما له علاقة بالهدايا التي تقدم في نهاية السنة، والتي وصل الأمر بالبعض إلى شراء أجهزة وعتاد لا علاقة له بالأمر بتاتا يكلف الكثير للمؤسسة أو الإدارة.
ويتساءل الكثير من المتتبّعين عن آليات المراقبة لهذه التعليمة، وقد ورد ذلك بكل وضوح إن هذا  المسعى يقتضي تدقيقا ومراقبة حازمة لأعمال التسيير في مجال النفقات العمومية، قصد «أخلقة» العمل العمومي، والأكثر من ذلك فإن الهيئات المكلفة برقابة الإنفاق العمومي تتحمل من جهتها مسؤولية كل تواطؤ أو تقصير، حيث سيتم تسليط عقوبات إدارية ضد كل مسؤول يثبت تقصيره.
هذه الإشارات التي تخص ترشيد النفقات العمومية، تؤكد أن الحكومة على علم واسع واطلاع كبير بخصوص المسائل التي تعرف تجاوزات لا يمكن التحكم فيها، بسبب أن هناك من اعتاد العمل وفق هذه الطريقة، ولم يفكر في يوم من الأيام أنّنا ذاهبون إلى التقليل من هذا التبذير. قد يقول قائل أن مقتضيات العمل تتطلب ذلك، لكن أحيانا هناك تسيّب لا يشعر به المسؤول، معتقدا أن التسيير النموذجي ما يقوم به في مكتبه وما يصدره من مذكرات، وغير ذلك، إلا أنه من زاوية أخرى فإنّه يستحيل السيطرة على تلك الكميات الهائلة من وصلات البنزين، أو التكليف بالمهمة وما ينجر عنها من تعويضات. هناك مؤسسات عملاقة لا تستطيع التحكم في هذا العمل، وهي مدعوة في هذا السياق إلى تخفيض نسبة نفقات التسيير بـ ٤ ٪ والخدمات واللوازم بـ ٢٠ ٪. إنها أمام امتحان عسير في إظهار الكفاءات الضرورية المترتّبة عن مسايرة هذه التعليمات، ولا بد أن يكون الجميع عند مستوى هذا التحدي، لأنّ الكرة اليوم في مرمى هذه المؤسسات والإدارات سترافقها في ذلك كل وسائل المراقبة التي ستكون عند الموعد.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024