بأيّ حال عدت...

فضيلة دفوس
25 سبتمبر 2015

العيد فرحة، هكذا كان في الماضي البعيد والقريب، لمّا كانت حياة المسلمين محاطة بالأمن والأمان مشدودة بالوحدة مكلّلة بالاستقرار.
أما اليوم، فالعيد فقد معناه وأصبح مجرد أوجاع لا تطاق بفعل الأسقام والجراح النازفة التي سكنت بلاد العرب والمسلمين.
لم يعد العيد اليوم يأتي بالبهجة، ولا أصبح يرفرف بالسكينة، طبعا، فالمآسي والحروب والارهاب والفرقة وضيق العيش، تحولت إلى رغيف يومي للعرب والمسلمين الذين سقط بعضهم في شرك الحروب الأهلية المدمرة الرابح فيها خاسر، وضاع آخرون في متاهة الإرهاب الدمويّ الذي بات يزرع المنية بأبشع صورها، وغرق كثيرون في بحر خلافاتهم وتاهوا في فرقتهم، بل واستل عدد من شواذهم سكاكين الطائفية ونحروا بها وحدة أوطانهم  ومعها فتتوا الشعب الواحد إلى مجموعات وقبائل متصارعة متصادمة، وتحول الفرد المسلم والعربي على وجه الخصوص، إلى نازح داخل بلده، أو إلى لاجئ يركب مخاطر البحار في زوارق الموت، وهناك في بلاد اللجوء –إن بلغها حيا- حتما سيفقد ما تبقى من كرامته وانسانيته...
من سوريا إلى العراق ولبنان وفلسطين مرورا باليمن ومصر وتونس ووصولا إلى ليبيا، الوجع واحد وإن اختلفت درجاته، موت ودمار سكن الديار، ومرتزقة دمويون دخلوا على الخط تحت راية» داعش «الإرهابي وتوابعه من التنظيمات الدموية والاجرامية، وهشاشة اجتماعية مقيتة وضعف اقتصادي مريع ...
لقد أصبح الأمن الحلقة الضائعة في الوطن العربي، فذرّة الشام تحترق بلهيب نار أوقدها أبناؤها الضالون بإيعاز من جهات خارجية لم تتردد في جمع حثالة المجرمين والمرتزقة من مختلف أصقاع العالم وأرسلتهم إلى هناك حيث يقودون حربا قذرة ضد الإنسانية، والمفارقة أن هذه الجهات - لما غرقت في طوفان الفارين من سكاكين «داعش» -غيّرت خطابها المناوئ للأسد وأقرّت بضرورة إشراكه في حل الازمة السورية، ما يعني أن الذين أشعلوا النار التي تحرق أبناء الشام تحوّلوا الى رجال مطافئ لما بدأت لسعات هذه النيران تصلهم.
أما بلاد الرافدين، فوضعه لا يقل سوءا، أمن مفقود وطائفية قامت على أنقاض الوحدة الوطنية، وارهاب يلتهم الأرواح دون ان يشبع، وطبقة سياسية ضبطت عقارب ساعاتها على توقيت هذه الدولة أو تلك، وبين الجميع شعب يئن ولسان حاله يردد «هل هذه هي الحرية والديمقراطية التي جلبها بوش للعراق؟»
وغير بعيد غرق لبنان في نفاياته، وضاع بين تجاذبات سياسيّيه وطوائفه، وبات بلد الكرز الصغير يشكّل حالة شاذة، فهو الدولة الوحيدة في العالم التي عجزت عن انتخاب رئيس.
وبالجوار فلسطين، التي لم تعد في زحمة الأزمات العربية المتفاقمة قضية العرب الأولى، فلا أحد أصبح يبالي بما يرتكبه الصهاينة هناك من جرائم و انتهاكات للمقدسات التي باتت في مرمى التهويد، طبعا فالجميع أصبح مسكونا بقضاياه ومحنه مشغولا بمشاكله ومصاعبه.
والى الجنوب يعيش اليمن التعيس وضعا دراماتيكيا، فبعدما كان اليمنيون يعتقدون بأن ثورتهم قبل أربعة أعوام على نظام علي عبد الله صالح ستمكنهم من وضع قطار التغيير على السكة، وجدوا أنفسهم  بين عجلات هذا القطار الذي سحق أمنهم ووحدتهم ومستقبلهم.
وفي مصر وتونس، بات الارهاب يشكل تحديا خطيرا، و الى الغرب تصارع ليبيا للخروج من عنق الزجاجة، وتحبس أنفاسها في انتظار استعادة أبنائها الفرقاء جادة الصواب والتوقف عن جلد الذات والقبول باتفاق السلام الذي طرحته الامم المتحدة مؤخرا.
والوضع لا يقل سوءا في باقي بلاد المسلمين، من افغانستان و باكستان مرورا بميانمار ووصولا الى الدول الافريقية ذات الاغلبية المسلمة، ما يحصر الأمل كله في بزوغ فجر جديد يطوي ليل العرب و المسلمين الطويل، ويفتح عهدا من الاستقرار والأمن.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024