انقضى شهر رمضان المعظم وسينقضي شهر شوال وتأتي شهور أخرى من حياتنا، وسينقضي عام ٢٠١٢ ويأتي عام ٢٠١٣ وتأتي أعوام أخرى، في رحلة يمر فيها الفرد بمحطات حلوة أحيانا ومُرة أحيانا أخرى، تدفعه لأن يقف مع نفسه يحاسبها لينظر فيما انقضى، ويعود لمسارات ماضيه القريب والبعيد، يراجع كل أفعاله وسلوكياته بقراءة متأنية لحظة بلحظة، ليستطيع تقويم الأمور بهدوء وتبصر، ليكون على استعداد جيد للمرحلة المقبلة، بوضع استراتيجية تجنبه أخطاء وسلبيات ما فات، وبالتالي معرفة متطلبات الأيام والشهور والسنوات القادمة.
فالفرد قد يحتاج في لحظة من اللحظات إلى تفعيل دوره وترشيد اسهامه في صياغة الحياة، وقد يعيد النظر في الكثير من الأمور، ولا يكون ذلك إلا بمراجعة صريحة للذات، فالطالب مثلا إذا فشل عليه أن يراجع أسبابه حتى لا يكرره، والشاب إذا أساء أو خاصم يراجع تصرفاته وسلوكياته ليكون ايجابيا ومسالما، والأستاذ يراجع واجباته تجاه تلامذته حتى يكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه...
بهذا الأسلوب وبهذه المنهجية يخطو الفرد خطوات لمراحل قادمة، وهو أكثر تماسكا وتبصرا ومدركا لصواب المسار من عدمه وعارفا بما هو مطلوب، لأنه قد يخطئ، وهذا شئ طبيعي، لكن غير الطبيعي أن يصر على الخطأ.
كل لحظات عمرنا غالية علينا استغلالها بطريقة ذكية وعقلانية. صحيح أنه لا أحد منا يعلم ما سيحدث مستقبلا إلا الله سبحانه وتعالى، لكن من المهم أن يتعلم الإنسان من تجاربه، لأن الحياة تجارب فيها عثرات ونجاحات، ومن لا يتعلم منها سيسقط في فخ العجز والفشل.