إن الحكم على نجاح أية إصلاحات يكون عن طريق قياس مدى استجابة الأطراف التي تمسها تلك الإصلاحات ومدى قدرتها على التأقلم مع الواقع الجديد لحمل حلولا للمشاكل التي كانت قبل الاستحقاقات أو تصحيح وضع معين للوصول إلى مرحلة جديدة تعزز الممارسة الديمقراطية وتزيد من الرخاء الاجتماعي والاقتصادي وتمنح المزيد من هوامش ممارسة الحرية.
لقد شملت الإصلاحات في الجزائر الأحزاب السياسية والانتخابات وكانت الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت أول امتحان وتفاوتت آراء التقييمات بين المتفائل والمتشائم ولكن المتتبع يتأكد من تواصل السلوكات التي كانت قبل قوانين الإصلاحات ويجعلنا نتحدث عن أزمة ذهنيات أكثر مما هي أزمة تشريعات فهل يعقل أن نغير القوانين دون أن نتغير ثم نتساءل عن عدم نجاح التغيير؟ وفوق ذلك تعودنا في الجزائر تحميل الفشل للسلطات أو الإعلام أو المؤامرات الخارجية وغيرها من المبررات التي تضحك أكثر مما تبكي.
وأنتجت الانتخابات انتقادات جديدة تمثلت في رفض العمل التطوعي لمراقبة الانتخابات حيث طرح أعضاء اللجنة مشكلة التعويضات المالية وهي التي نص عليها القانون صراحة في صورة تؤكد النظرة الريعية للعمل السياسي وغياب ثقافة التنشئة السياسية والنضال والعمل من أجل المصلحة العليا للوطن.
كما شدت ردود فعل الأحزاب السياسية أنظار الجميع خاصة الجديدة التي أعتمدت مؤخرا التي فتحت النار على الجميع وتركت عملها الحزبي وحشرت نفسها في ملفات ثقيلة بعيدة كل البعد عن اختصاصها وتركت مشاكل المواطن والأهداف التي أنشئت من أجلها ما جعل الكل يتساءل عن سر التيهان السياسي الذي تعيشه الأحزاب التي يظهر أنها تغيرت صفتها من جمعيات ذات طابع سياسي إلى أحزاب.
بينما كان لقانون ترقية مشاركة المرأة في المجال السياسي اثر كمي حيث ارتفعت النسب التي جعلت الكثيرين يقارنون الجزائر بالديمقراطية في أمريكا والسويد في مشهد يعكس الدعاية الكبيرة التي صحبت القوانين الجديدة.
وبقي الإعلام على حاله مع كثرة العناوين الصحفية وزيادة الجدل حول السمعي البصري ومواصلة تغريد كل صحيفة في عزف منفرد في ظل غياب التقاطعات حول مصالح الوطن وأصبحت وسائل الإعلام تشتت أكثر مما تجمع الرأي العام الوطني.
وعليه فالإصلاحات التي عرفتها الجزائر في ٢٠١٢ لن يكون لها أي اثر إذا لم تتغير الذهنيات .
ماذا بعد الإصلاحات ؟
حكيم بوغرارة
25
ديسمبر
2012
شوهد:1254 مرة