هل يمكن للدبلوماسي المحنك الأخضر الإبراهيمي المساك بخيوط الأزمة السورية وهو الذي يملك رصيدا ثريا من تجارب فض النزاعات الدولية وبالأخص ذات الطابع الداخلي؟. ويعول عليه في المبادرة بصياغة ورقة طريق تجمع كل الجوانب الايجابية للخطط الدولية ذات الصلة للتوصل إلى وصفة متوازنة تضع الحل الدبلوماسي والسياسي في المقدمة وإخراج الملف من حالة الانسداد التي تزيد من تعقيدات الوضع على كافة المستويات.
وكان الإبراهيمي الذي يتسلم ملفا ساخنا من كوفي عنان على صواب في اشتراطه على الأمين العام للأمم المتحدة تجنيد دعم مجلس الأمن الدولي لمهمته الحساسة. وبالطبع يقصد بالدعم أن يساهم كبار مجلس الأمن أصحاب حق »الفيتو« كل من جانبه في تنمية روح ايجابية من شأنها أن تنشئ مناخا جديدا حول الملف السوري يؤسس للثقة بين الأطراف ودفعهم للحوار ضمن طاولة يحضرها صناع القرار الدولي بإشراف الأمم المتحدة والجامعة العربية. هذه الأخيرة التي لا ينبغي أن تستمر في مسار غير واضح أو منحاز، وإنما عليها أن تعيد ترتيب أدوارها وفقا لميثاقها لتكون منظمة للعمل الدبلوماسي الحثيث وليس مجرد إطار يستعجل الأمور وينساق بسرعة البرق وراء سيناريوهات مشابهة للسيناريو الليبي بكل ما ترتب عنه من هزات إقليمية وانهيار لقيمة السلم وسقوط الفعل الدبلوماسي أمام قوة الحرب المدمرة.
وفي هذا الإطار يقع على أمريكا وبريطانيا وفرنسا جانب كبير من المسؤولية الدولية في حلحلة جوانب القضية السورية والانخراط فعليا في تشجيع المعارضة المسلحة على هضم الخيار السياسي بما ينهي مسلسل العنف المدمر ويحفز الوسيط الاممي والعربي الجديد على التقدم في ظل أرضية ملغمة وتفوح برائحة الموت طيلة أكثر من سنة وزاد سعير الحرب اشتعالا في الأشهر الأخيرة ليس بفعل الإخوة الاعداء فقط وإنما بفعل صب الزيت على نار الفتنة من أطراف محلية وإقليمية ودولية كلها تبكي أوضاع الشعب السوري لكنها في الحقيقة تعمل وفق أجندتها الإستراتيجية، وحالة العراق اليوم خير دليل لفشل تسويق أحلام الديمقراطية وحقوق الإنسان مثلما رفعته قوات الاحتلال الأمريكي ومن تحالف معها في إسقاط أركان الدولة بكامل موروثها التاريخي بما فيه نهب وإتلاف متحف بغداد.
وبالفعل لدى الدبلوماسي الجزائري إدراك شامل لمختلف جوانب الأزمة بما يحيط بها من الجوار وحصيلة ما جرى بالمنطقة من قبل، وسوف يكرس كامل طاقته وقدراته التفاوضية لجلب المعنيين السوريين ومن لديه ضلع في الأزمة إلى مساحة كلها للدبلوماسية التي توجد في مثل هذه الحالة على المحك أمام دعاة الحرب الذين سوف لن يدخروا جهدا في عرقلة مسار الحوار الذي يمكن أن ينطلق إذا كان الجميع منشغلا حقا بمصلحة الشعب السوري وفقا لورقة طريق متوازنة وموضوعية عنوانها لا غالب ولا مغلوب، وإنما الانتصار للشعب السوري بكل مكوناته.