يعكس التعامل الدولي مع قضية الساحل والأزمة المالية التحولات التي تعرفها الدبلوماسية العالمية التي باتت هجومية أكثر منها دفاعية، فأحسن وسيلة للدفاع هي الهجوم مثلما هو متداول.
وأحسنت الجزائر عندما انخرطت في سياق الحملة الدولية التي وضعت الخيار المسلح ضمن الاحتمالات لحل أزمة مالي من باب أن الجزائر لا يخيفها أي شيء وقادرة على التعامل مع مختلف الوضعيات إذا أرادت الدول الغربية المناورة أو خلق بؤرة توتر جديدة.
وقد عملت الجزائر منذ بداية الأزمة في مارس ٢٠١٢ على الدعوة لتفعيل الحل السلمي وفتح باب الحوار ومنح الأطراف المالية الأولوية في التفاهم على إنقاذ بلادهم من خطر التمزق غير أن الكثير من العواصم وخاصة الغربية بدأت في التخطيط لأفغنة المنطقة من خلال دعوة دول «الايكواس» على تجهيز جيش لا يتعدى ٣٠٠٠ رجل من اجل تحرير شمال مالي مثلما يدعون في صورة تؤكد أن الهدف هو إثارة فتنة إقليمية ليبقى الغرب يتفرج ويتدخل عندما تنهار معظم الدول.
لقد طالبت الجزائر بمخططات تنموية لدول الساحل لتجنب تدني الأوضاع الاجتماعية والمعيشية التي تعتبر من أكبر الأسباب للمد الإرهابي فالشعوب وبحكم الإحباط الذي تعيشه بدأت تنخرط في العنف من أجل الانتقام وهو الأمر الذي تستغله الكثير من الدول لدفع الشعوب للثورة على أنظمتها مثلما حدث في تونس ومصر واليمن لتترك بعدها الشعوب في دوامة المشاكل .
إن التحولات الدولية الحالية تؤكد بأن البراغماتية والسعي وراء الثروات والاستثمارات هي الدافع للتعامل مع الصراعات والأزمات والعيب على من لا يتموقع ويبقى يطالب بالمبادئ والقيم في أسواق المصالح التي تذوب فيها كل المبادئ والمواقف التقليدية التي تبقى رهينة الخطابات والجمعيات العامة للأمم المتحدة وغيرها من المنابر التي تباع فيها القضايا بالدولارات والمشاريع الكبرى.
لقد تحدث الأستاذ في العلوم السياسية صالح موهوبي عن الكثير من الخلفيات في القضية المالية ومنها استهداف الجزائر فالربيع العربي مازال قائما ويعمل وكأنه قنبلة عنقودية تنفجر في أوقات لا يعرف وقت انفجارها .
غير أن ما تجهله الكثير من الدول العربية هو ضرورة تقوية الداخل على الخارج وتعزيز الممارسة الديمقراطية وتحسين معيشة الشعوب التي تحتاج لحصانة كبيرة من استغلال أوضاعها سواء من قبل الجامعات الإرهابية أو الدول الغربية.
ماذا نستفيد من أزمة مالي؟
حكيم بوغرارة
02
ديسمبر
2012
شوهد:1473 مرة