إلى أي مدى يمكن للمدينة أن تتحمل كل طلبات المتوافدين عليها من ضواحيها؟ منذ السبعينات والاقتراحات تتوارد بخصوص “فك الخناق” عن الحواضر الكبرى، تارة باسم “التوازن الجهوي” وتارة أخرى باسم “اللامركزية” والمدن الجديدة هذا كله من أجل استقرار الناس في مسقط رأسهم تفاديا لأي نزوح مضر.
بعد كل تلك السنوات مازال الأمر يراوح مكانه وتحولت المدينة إلى قطب جذاب وفضاء مغري، كل المصالح الحيوية موجودة بها خاصة ما تعلق بالوثائق لاستكمال ملفات معينة أو الحصول في أوراق لها أهمية في مجال الحالة المدنية وغيرها.
هذه المعاينة العامة للأسف لم تحظ بالدارسات اللازمة من قبل جامعتنا ومعاهدنا ومراكزنا للبحث ونقصد بذلك العلاقة الجدلية الموجودة بين النمو السكاني واحتياجات الأفراد، في الريف والمدينة وكيفية ايجاد الآليات التي تسمح حقا بالتسيير الجيد للمدن، من كافة النواحي ذات الطابع اليومي من خدمات إدارية معيشية.
علينا اليوم أن نقر بأن المدن الجزائرية غير قادرة على تحمل المزيد من الضغط عليها من كافة النواحي ازدحام لا يطاق للسيارات، طلبات قياسية للسكنات، المياه، الكهرباء والغاز، إكتظاظ الأقسام وأسرة المستشفيات وانتشار النفايات كل هذا وغيره لا نوليه العناية الكافية من الاستشراف على المديين المتوسط أو البعيد.. لذلك وجدنا أنفسنا أمام أزمات حادة، يجب أن نسيرها ونبحث عن حلول لها في أقرب الآجال.
لذلك لا نستغرب من ملاحظة أن مدننا محاطة بالسكنات، الفوضوية، ديكور مقزز تشمئز له النفوس وكان بالإمكان أن لا نصل إلى هذا المستوى المقلق حقا في انتشار الآفات الاجتماعية بشكل مخيف لو عملت السلطات المحلية على إقامة حد أدنى من عوامل البقاء في المكان الأصلي والكل كان يتحجج بالإرهاب ليستقر بالمدينة ويفر من الريف.. وإحقاقا للحق لابد من القول هنا بأن العديد من الأشخاص عادوا رفقة عائلاتهم إلى قراهم بعد أن إستتب الأمن في مناطقهم.
اليوم علينا أن لا“نبكي على الأطلال” بل الحل هو في التحلي بالإرادة اللازمة، في الخروج من دائرة التشخيص وطرح هذا الملف للنقاش من قبل كل الشركاء والمتعاملين وبخاصة الهيئات ذات الوزن في إعطاء التصور اللائق كالمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي وجهات أخرى قادرة على تقديم مساهمتها في اشكالية قدرات المدينة كواقع وآفاق.. وهذا بالتوقف لحظات من أجل التفكير في حواضرنا غدا.. وقد نجد مؤشرات هذا التوجه في الاستشارة الوطنية الواسعة حول التنمية التي جرت في السابق.
تحديات..
جمال أوكيلي
18
نوفمبر
2012
شوهد:1361 مرة