حروب وأوبئة وأمراض غامضة ومجاعة وأزمات، اقتصادية ومالية وأمنية وصحية تتمدّد، وباتت تهدّد العالم بشقيه الفقير الضعيف والثريّ المتقدم، ولن يسلم من التداعيات سكان الكرة الأرضية الذين مازالوا يجابهون خطر الفيروس القاتل والمدمر للحياة، فلا حلول عاجلة في المتناول لإنهاء المصير المجهول والأفق الذي يبدو مخيفا وغامضا، بمؤشرات غير مستقرة، تسمح بتحديد سلسلة من التوقعات، فلا أحد يعلم إن كان كورونا يعيش أيامه الأخيرة أم لا، ويصعب التقدير، إن كان جدري القردة، سيضع البشر مرة أخرى في مأزق، ويبعث من جديد حالات الطوارئ المربكة والمؤدية إلى تضييق الخناق، وبالتالي الاستعداد لمواجهة أزمة مالية واقتصادية عسيرة ومضنية.
غذاء العالم صار محاصرا بلهيب نيران الحرب في أوكرانيا، والبلدان المنتجة للأسمدة وسلة الغذاء بما فيها القمح، كبحت الإمدادات، وفضلت الاحتفاظ بإنتاجها لتغطية الطلب المحلي والمخزون العالمي للقمح وفرته لا تغطي سوى ثلاثة أشهر مقبلة، وسط تراجع مساحات الإنتاج بعدة بلدان، بما فيها البرازيل والأورغواي والبرغواي، وحتى الهند أوقفت صادراتها خوفا من تطور الوضع إلى أزمة، يصعب التحكم فيها لأنّ عشرات الملايين من الأشخاص في العالم بالوقت الحالي يستيقظون يوميا من النوم ولا يجدون غذاء، ويتوزعون بين قارتي إفريقيا وآسيا على وجه التحديد، وإن عصفت الأزمة فإنّ أرقاما مهولة يعصف بها الفقر، وتعود المجاعة في صورتها القديمة لتصبح أكثر فتكا من الحروب والأوبئة.
الغذاء والصحة والاقتصاد مطاردون بالأوبئة والقنابل بشكل جدي، وما على الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية ومنظمات حقوق الإنسان، إلا أنّ تتحد حول موقف جامع ومسؤول من أجل إيجاد الحلول ومنع حدوث أزمات العالم في غنى عنها، ومثلما تحركت أمريكا محاولة كسر أسعار النفط، منصبة نفسها شرطيا، عبر محاولة سنّ قانون لمتابعة الدول المنتجة للنفط بالمحاكم الدولية موجهة لها اتهاما بالاحتكار والرفع من الأسعار، كان الأحرى بها، أن توجه جهودها لتأمين الغذاء حتى لا تموت شعوب العالم من الجوع، وتبقى وصمة عار لا ينفع معها الحسرة.