لم يتغيّر مستوى النقاش بالسباق الانتخابي الفرنسي، وما يزال، رغم التغني بـ»اللائكية»، مصرّا على استعمال كل ما يتاح له من «كراهية» و»عنصرية» و»إحساس بالتفوق» على باقي خلائق الله، وهذا ما ظهر جديّا على مواقع التواصل الاجتماعي، مع إعلان بلدية غرونوبل عن مرور مشروع يسمح بلبس «البوركيني» في المسابح العمومية..
والحقّ أن مسألة هذا (البوركيني) لا تهمّنا في طول ولا في عرض، وإنّما يهمّنا الخطابان (الموالي والمعارض)، وهما يستغلان ديننا استغلالا بشعا، ويبحثان عن كلّ ما يسيئ إلينا، رغم أننا لا نحسب لهم حسابا، ولا نقيم لهم وزنا، ولا نعرف لهم أصلا ولا فصلا، ويحزننا أنهم كثيرا ما يستعملون فيما يسمى (نقاشهم) عبارات مستخرجة من عند العنصري الأول، آرتير دي غوبينو، الذي خرج إليه الجزائري الكبير، امحند تازروت، ولقّنه الدرس الوافي الكافي، في أساليب التحوّل إلى «إنسان»، ثم قصف نظريته التافهة، وألقى به إلى غياهب الحمق المنقّح.. ولنا أن نتصوّر مقدار الحمق الذي يتمثل به سارق الأحمق..
نعلم أن الآلة الانتخابية الفرنسية بدأت تتحرك نحو التشريعيات. ولكن الديمقراطية التي تتغنى بها فرنسا، ينبغي أن تؤطر الخطاب العام، لا أن تتّخذ بقية العالم هزؤا، فلا تكون مثل «حرية التعبير» التي تحوّلت إلى جسر ممهّد، يستخدمه كل من يرغب في النيل من رموز الآخرين والاعتداء على خصوصياتهم، رغم أنّهم لم يقربوه ولم يعرفوه، فالفرنسي يشتم ويسبّ ويعتدي، لأن «الأستاذة حريّة» تحترم رأي الجميع، وتعترف بحقّ الجميع في سباب وشتم الجميع، مع أن دودة الأرض صارت تعرف بأن حرية هذا تتوقف عند حريّة ذاك، وأن الأصل في الحريّة ليس سوى معنى الإنسان..