شرع رئيس الجمهورية في لقاءات مع قادة وممثلي أحزاب سياسية، من أجل لمّ الشمل وتعزيز اللُّحمة الوطنية، ويبدو أن هذه اللقاءات أعادت الحركية للطبقة السياسية التي غاصت في سبات عميق منذ الاستحقاقات الأخيرة.
اليد التي يمدها رئيس الجمهورية للجزائريين كلهم بدون تهميش ولا استثناء، يريد من خلالها بناء تصوّر وطريقة للخروج من الأزمات، يرى البعض أنها دعوة لتجاوز الخلافات والتفرقة، ووقف كل محاولات تقسيم الشعب تحت شعارات مختلفة، بإملاءات من الخارج وتواطؤ من بعض الأطراف في الداخل، من أجل غاية وهو أن يذوب الجميع في بوتقة التلاحم، والتي تعد أساسا في بناء الجزائر الجديدة.
تظهر هذه النية والإرادة في احتواء الجميع تحت مظلة الجزائر الجديدة بدون إقصاء أو تمييز من خلال، وأن باب الحوار الذي بقي مستمرا مع الجميع، بما فيها المعارضة، التي كثيرا ما كانت تعتبر نفسها مقصية من بناء التغيير، وبالتالي تريد أن تشارك في جميع مراحله لا كواجهة ديمقراطية وإنما يؤخذ برأيها، والكرة الآن في مرماها، لنرى إن كانت ستستجيب للدعوة هذه المرة.
ويبدو أن مشروع الرئيس هذا بمثابة دعوة لمصالحة وطنية، لا تقصي أحدا، ما عدا «الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء». فالجزائر الجديدة تفتح لهم ذراعيها من أجل صفحة جديدة، تزامنا مع الذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية؛ استقلال ضحّى من أجله كل الشعب الجزائر، حيث ستحدد هذه الذكرى التاريخية المبادرة الجديدة التي بدأت تتضح معالمها، مع خلال إطلاق مشاورات سياسية جديدة، ينتظر أن تتوسع للشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني.