لا يمكن توقع ما سيفضي إليه إصرار واشنطن على السير لملاحقة الدول المنتجة للنفط «أوبك»، وكَيْلِ التهم لها بذريعة التآمر لرفع أسعار النفط، لمنعها من رفع أسعار الذهب الأسود، عبر إقرارها من خلال لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي لقانون «يردع» المنتجين ويحوّل الولايات المتحدث إلى «شرطي» يضع في قبضته السوق والأسعار، ومن ثمة يسطر كما يشاء ملامح معادلة العرض والطلب. وهناك من نظر باندهاش وريبة إلى هذا القانون، الذي - على ما يبدو - قد أعدت له واشنطن كل شيء ليرى النور ويكون نافذا، يكبح حرية الأسواق بقفازات أكبر بلد ديمقراطي دافع طويلا في الساحة الدولية عن الرأسمالية وحرية الأسواق.
الواقع يشير أن أسواق النفط تحمل في خفاياها كثيرا من المفاجآت، فما الذي يخيف أمريكا ويجعلها تتحرك بهذه السرعة القياسية لتحاول تسقيف الأسعار؟. مع صمت وشبه تجاهل من الدول المنتجة، حيث يرجح أن هذا التكتل الطاقوي وشركاءه لن يسكت حيال هذا الإجراء المستفز، ولعل اللجوء إلى المحاكم الدولية سيكون الفيصل في مثل هذه السابقة بين الخصمين.
عاد طرح «نوباك» لملاحقة المنتجين للنفط في «أوبك+» مجددا وبقوة مدفوعا بالوضع في أوكرانيا، التي خلفت أزمة طاقوية كبيرة وعميقة، لن يشفى منها العالم بسرعة وبذلك لن تصحح الأسعار على الأمديين القصير والمتوسط. علما أن محاولات أمريكية برزت في السابق لتعبد الطريق لهذا التشريع المدفوع بغلاء أسعار البنزين بأمريكا، حيث سيعرض على البيت الأبيض، وإذا وافق عليه بايدن، ستمنح لوزير العدل الأمريكي متابعة أوبك أو أعضائها أو شركائها مثل روسيا على مستوى محكمة اتحادية، فما الذي سيخلفه نوباك في سوق النفط على اعتبار أن لمنظمة الدول المصدرة للنفط هامش مناورة في ضخ أو كبح الإنتاج؟.. وبالتالي وضع الإمدادات العالمية الشحيحة في الوقت الراهن بعنق الزجاجة، لأن الحرب الروسية الأوكرانية قلبت الوضع رأسا على عقب، وأساسا تعرضت السوق قبل أزمة كورونا لارتدادات سدت شهية المستثمرين وينظر للسنوات المقبلة بالنسبة للمستهلكين للمادة الخام بقلق بسبب تقديرات تؤكد تراجع الإنتاج العالمي بشكل لا يبعث على الارتياح.