ركّزت كثير من العناوين الدرامية العربية لهذا العام، على تنظيم «داعش» الإرهابي، وحاولت تفكيك إشكالية أولئك الذين ظهروا فجأة عبر نقاط عديدة من الوطن العربي، وراحوا يصنعون الأحداث بالقتل والتدمير، ويبثون مشاهد عن اغتيالات مباشرة، تهوّل العام أجمع..
وليس يخفى على أيّ كان، أنّ الخطاب الذي اعتمدته «داعش» لم يكن سوى غطاء تمّ حبكه بأسلوب غاية في الإحكام، من أجل صناعة عدوّ مفترض، يوافق نظرية «صراع الحضارات»، ويكون معينا لفخاخها كي تستقطب المغبونين في الأرض، غير أنّ هذا الواقع لم يكن مقبولا، ولا مستساغا، إلى أن اتفقت مجموعة من الأعمال الدّرامية على توجيه الاتهام مباشرة إلى الجهات التي استفادت من ظاهرة «داعش»..
هذا ما قال به مسلسل «العائدون» الذي تبثه منصّة «شاهد»، وقالت به مسلسلات أخرى، رسمت في قوالبها الدّرامية، خارطة مخيفة لعالم لا مكان فيه سوى للمصالح الضيّقة، ولو على حساب أرواح بريئة تزهق دون وجه حق، أو على حساب شعوب كاملة يتاجر بها سماسرة الحرب من القوى العالمية الكبرى التي لا تكفّ عن التّغني بـ»حقوق الإنسان» و»الحرية» و»الديمقراطية» وأشياء من هذا القبيل..
نعتقد أنّ الدّراما العربية هذا العام، جعلت نصب أعينها التّخلص من ذلك الدّاء الذي بثّته الحضارة المهيمنة في جسد العالم، وعاني منه الإنسان شرقا ومغربا، وهذا دور صعب ليس في إمكان أيّ كان الاضطلاع به، فرسائله صعبة، وليس من العمل الدرامي لأجل تبليغها.. هنا بالضبط، تتجلى عبقرية العمل الفنّي، وتتجلّى ضرورته للحياة..