أطلق الاحتلال الإسرائيلي العنان لعنصريته الصهيونية بارتكاب جرائم ضد الشعب الفلسطيني، مستغلا الظرف الدولي المتأزم وانشغال الرأي العام العالمي بتداعيات الحرب في أوكرانيا. لذلك، كانت الرسالة التي وجهها الرئيس تبون إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بمثابة دق لناقوس الخطر الذي تستهدف المدنيين الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية، مطالبا المنتظم الدولي بالتحرّك وكسر جدار الصمت لضمان حماية الشعب الفلسطيني والمقدسات المتواجدة على أرض مصنفة تحت الاحتلال.
الصور البشعة التي شاهدها العالم لا يمكن أن تترك ضمير الإنسانية منشغلا بمسائل أخرى، كالنفط والغذاء بمعيار الرفاهية، بقدر ما تستوجب تفعيل تحرك حقيقي لردع كيان الاحتلال وجرائمه التي تضع المجتمع الدولي على المحك، من حيث مدى الالتزام بالقانون الدولي والشرعية الدولية التي تشكلت غداة نهاية الحرب العالمية الثانية. ولئن انهزمت النازية يومها، إلا أن ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني والشعوب المجاورة، يدرج في خانة جرائم النازية التي لا يحق للأمم المتحدة الاستمرار في البحث عن مبررات واهية أو الاكتفاء بخطابات لا تغير من الوضع شيئا.
بلا شك أن الأمين العام الأممي يشعر بمدى المسؤولية تجاه القضية الفلسطينية وهو ما أكد عليه الرئيس تبون بالدعوة الملحّة لتحرك ملموس من خلال مجلس الأمن الدولي يوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي ويوفر الحماية للشعب الفلسطيني من أجل ممارسة حقه الثابت في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وهو حق يكرسه القانون الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومختلف هيئاتها، ذات الاختصاص.
لا يمكن للعالم وخاصة أوروبا والدول الكبرى، المنشغلة بطريقة أنانية بأوكرانيا، مواصلة عدم الاهتمام بما يتعرض له الشعب الفلسطيني من اضطهاد عنصري، والانغلاق على الذات أمام إرهاب دولة بكل المعايير، تمارس التقتيل والتعذيب والنهب والتضليل، مستفيدة من دعم قوى عالمية بما فيها أعضاء اللجنة الرباعية، التي تتشكل من الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، التي تبقى مسؤوليتها القانونية والأخلاقية قائمة ولا يمكنها التملّص منها تحت أي ذريعة.
إن الأمم المتحدة وبالذات مجلس الأمن الدولي، أكبر المعنيين بوضع ومصير الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية، بل أول معني أيضا هي الدول العربية والإسلامية بأن تعيد صياغة موقف حاسم، لكن كل ذلك مرهون بمدى جاهزية القوى الفلسطينية أيضا للعودة إلى بناء وحدة الصف وهي أولوية الأولويات.