يقف المستهلك خلال هذه الأيام على ظاهرة غريبة تثير الاستياء والتساؤل في نفس الوقت..من يقف وراءها وتعكس فوضى في التوزيع، حيث تحوّلت أكياس الحليب ذات الاستهلاك الواسع، إلى مادة يضارب بها وسطاء يسجّلون عودتهم مع شهر رمضان، فيرفعون أسعارها إلى 40 و50 دينارا، علما أنّ نشاط بعض المقاهي تحول إلى بيع أكياس الحليب بأسعار مبالغ فيها، وهي مادة مدعّمة.
لم تعد مادة الحليب تسوقها الملبنات ومحلات البقالة وتلك التي تبيع المواد الغذائية وحدها، بل اتّسع نطاق تجارتها إلى هواة الربح السريع والتجار الموسميين مستغلين ارتفاع الطلب، وإثر ذلك صارت شاحنات صغيرة تسوّق عبر الطرقات والأحياء أكياس الحليب بسعر مرتفع، ما جعل العديد من المستهلكين يتساءلون..كيف حصل هؤلاء الدخلاء على مادة الحليب بينما السوق تشهد تذبذبا وندرة، خاصة بعد اختفاء توزيعها عبر محلات العديد من الأحياء بالعاصمة.
عندما تسود الفوضى في السوق، ويتحكّم لوبي المضاربين قبضتهم يخضعون المستهلك لمنطق الاحتكار في كل شيء، والغريب أنه من دون أن تتحرك مصالح الرقابة، على الأقل لتوقف من يمارسون التجارة من دون سجل تجاري أو يبيعون الحليب سريع التلف في شاحنات تفتقد للتبريد، وفي هذا الصدد لا يمكن القول بأنّ السوق حرّة ومفتوحة، لأنّ ما يحدث يندرج ضمن الفوضى العارمة، وخرق القانون بشكل مفضوح بل وغياب من يضمن تكريس القواعد التجارية الشفافة.
مصالح الرقابة وإن كانت خلال السنوات الماضية، تتحجّج بعذر قلة عدد أعوانها، ربما كان لديها الوقت الكافي لتعيد النظر في خارطة طريق عملها، وتوفير الأدوات اللازمة لتؤدي مهمتها على أكمل وجه، وتوجيه عين ساهرة لا تغفل عن السوق، وبالتالي فرض عقوبات ردعية على كل من يتجاوز القانون.