عاد رمضان، شهر الرحمات والخيرات وعادت معه مظاهر التكافل والتضامن بين أفراد الشعب الجزائري، سُنّة حسنة دأب عليها الجزائريون مع كل رمضان علّها تواسي الفقراء والمحتاجين في شهر الخير بعدما اكتووا بغلاء أسعار وجشع تجار أساؤوا إلى مهنة شريفة مارسها الأنبياء والرسل وبارك فيها سيٌد الخلق، محمد (ص)، كيف لا وهم يلهبون جيوب الناس ويمارسون كل أنواع الغش والتحايل إلا ما رحم ربٌك؟
هذا المشهد البائس، الذي يتكرر كل عام خلال الشهر المبارك، لا يتسبب فيه التاجر ولا يتحمل مسؤوليته وحده لولا لهفة زبون يقبل على كل شيء ويصطف في طوابير من أجل كل شيء، فهو الآخر مسؤول عن الظاهرة التي لا تريد أن تضمحل بل زادت هذه اللهفة من مساحات الغش والتضليل مادام كل ما يعرض يباع؟
قد لا تكون اللهفة والغش وحدهما من يسجلان حضورا بقوّة، لكن للأسف الفوضى هي الأخرى تتسع رقعتها وأيّ مكان يمكن أن تتخيله يصبح فضاء للبيع والشراء، قارعة الطرق، بل حتى الطريق المعبٌد المخصّص للسيارات أحيانا يستباح جزء منه من طرف باعة فوضويين يتسببون في شلّ حركة السير أحيانا دون حسيب ولا رقيب وكأنٌ الأمر عادي؟
ربّما أصبحنا كمجتمع في حالة «ثقافة الفوضى» في كل شيء وإلا ما انتقلت ممارسة التجارة أو البيع والشراء إلى حواف الطرق والأرصفة بدل أن تكون في أسواق محترمة ومنظمة يشعر فيها التاجر بنبل مهنته ويشعر الزبون بكرامته التي تضمنها جودة المنتوج والخدمة معا، ولكن - للأسف- فعندما تدخل إلى أسواقنا ينتابك شعور بأنّها مؤقتة أو ظرفية بالرغم من أنّ عمر بعضها بعمر الاستقلال ولكن مع ذلك المظاهر نفسها، الفوضى وانعدام النظافة ..الخ
ألم يحن الوقت لنتساءل وفق منطق أولويات، كيف تعرض الملابس، الأحذية والأجهزة وغيرها في أبهى الرفوف والواجهات المضيئة، بينما الوضع مختلف تماما عندما يتعلق الأمر بمأكلنا ومشربنا؟ !