يوشك الاتفاق النووي الإيراني على بلوغ خطواته الأخيرة والتتويج بالتوافق، بناء على بروز عديد مؤشرات طي هذا الملف العويص الذي استغرق أشهرا من المحادثات الماراتونية بين الأطراف بما فيها واشنطن بشكل غير مباشر، لكن على ما يبدو دفعت الحرب الروسية الأوكرانية بصداها إلى فيينا، مما أرجأ فصل النهاية للملف النووي الإيراني، وبالرغم من ذلك لا زالت إيران متشبثة بمواقفها وهناك من يعتقد أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا خفّفت من الضغط والحصار الغربي المفروض عليها.
أبدى الرئيس الإيراني تمسّكا كبيرا بخيارات وقناعة بلاده مهما كانت نتيجة محادثات فيينا، فطهران حسب تقديره لن تتأثر في حالة عدم التوصل لنتائج في المحادثات، لأنها تحمل بدائل لتسيير اقتصادها وفوق ذلك بإمكانها الاستمرار في الصمود بالرغم من قساوة العقوبات وقادرة على تحمل المزيد من ثقل العزلة المفروضة عليها بعد منعها من الأسواق الخارجية، بما فيها أسواق النفط، وبالموازاة مع ذلك واشنطن المنغمسة في الحرب الروسية الأوكرانية لم تعدّ تردد عبارة «الوقت سينفد وعلى إيران الاسراع في حوارها والحسم في طرحها قبل أن يغلق باب المحادثات في وجهها»، وتقصد بذلك مطالبتها بضرورة إبداء ليونة في الموقف الإيراني بخصوص ما يطلق عليها بالنقاط الشائكة، أي حتى مع خروج المفاوضين خلال الأيام القليلة الماضية بتصريحات تؤكد بقرب نهاية التفاوض والتتويج باتفاق، لكن في الواقع مازالت هناك مسائل مستعصية من دون حل.
لم يعد أمام المفاوضين سوى المسائل الخلافية المستعصية، باعتراف الاتحاد الأوروبي، لأن الملف يوجد في مراحله النهائية، غير أنه في الواقع الاتفاق النهائي غير مضمون، وهناك من يرجع التحرّك الغربي السريع بهدف إسقاط المخاوف المتمثلة في كون مخزون اليورانيوم المخصب لدى إيران تجاوز الحد المسموح به بأكثر من 15 مرة، وجاء هذا التحذير الضمني باعتراف من وكالة الطاقة الذرية، فهل ستلعب الحرب الروسية الإيرانية في التعجيل في رؤية الاتفاق النور، أم أن إيران ماضية في برنامجها النووي حتى إبرام الاتفاق، بعد أن فشلت العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها؟.