تبيّن الخيط الأبيض من الأسود بعد صبّ منحة البطالة لمستفيديها، وبات جليّا أنّ الدولة الجزائرية وكما أعلنتها بالأمس لن تتخلى عن البعد الاجتماعي، في سياسة واضحة تتبنى فيها ضمان المرافقة والدعم لإخراج البطال من خانة «بدون عمل» إلى أخرى قوامها المساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد من خلال تضافر جهود الجميع وانخراطها في خطة الإنعاش الاقتصادي، وهي الأولوية التي حرصت عليها الدولة بإعطاء البطال منحة إلى غاية حصوله على منصب عمل يكون بالنسبة له أول خطوة نحو تحقيق الذات وأولى درجة في سلّم النجاح.
بالرغم من المزايدات التي رافع أصحابها للتشكيك في الإرادة السياسية القويّة للدولة الجزائرية للتكفل بالفئات الهشة من المجتمع، أبان المضيّ الجاد في إقرار منحة البطالة ورصد ميزانية خاصة بها في قانون المالية 2022 إلى غاية صبّها في حسابات من توفرت فيه الشروط المطلوبة، أنّ الدولة تبحث عن مرافقة البطال وليس غرس الروح الاتكالية في شباب هو عماد النهضة وأساس بناء الجزائر الجديدة.
قد يكون البعض روّج لمنحة «راقدة وتمونجي» لكنّهم في المقابل تناسوا أنّ الجزائر ومنذ سنتين أمام رهان الإقلاع الاقتصادي الذي أصبح عنوان سنة 2022، ولن يكون الإصلاح بعيدا عن العاطلين عن العمل لأنّه الرقم الصعب في الديناميكية الاقتصادية، لذلك ستسمح المنحة بإعطائهم فرصة ليكونوا جزء من الحركية في معادلة الإنتاج والاستهلاك، ما يجعل من المنحة مبلغا ماليا يساعد الشباب على تجاوز بعض صعوبات الحياة في انتظار توفر منصب شغل.
لكنّ الأكيد أنّ جزئية توفير منصب عمل بعد مدة محدّدة للمستفيد منها، تعكس في جوهرها بحث الدولة عن انخراط الشباب في مختلف القطاعات من أجل تحقيق هدف أداء تلك الفئة الدور المنوط بها، بل هي إرادة قويّة وعازمة على إخراجها من عزلة «الهامش» إلى تحريك عجلة الاقتصاد، ما يبعدهم عن دائرة اهتمام المترصّدين ومحترفي الصيد في المياه العكرة، سواء بتوريطهم في شبكات إجرامية للاتجار بالمخدرات والبشر أو تحويلهم إلى «معول» هدم لا بناء لهذا الوطن.