بين آثار جانبية وجرائم حرب ضد الإنسانية وحق مشروع للدفاع عن النفس، عامل مشترك يتمثل في كونها تسميات يتمسك بها الغرب لتفسير وتبرير وتعريف الحروب المشتعلة في مختلف بقاع الأرض، تتغير حسب الموقع الجغرافي والانتماء الديني.
عندما تُغِير قوات الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين العزل يعتبرها حق مشروع في الدفاع عن النفس، أما عندما يدمر العراق على يد الأمريكيين وحلفائهم بحجج واهية يتم تسمية القتل والتنكيل والاغتصاب وسرقة خزائن آثاره وذهبه بـ «الآثار الجانبية» لحرب أشعلت نيرانها من أجل «الديمقراطية»؟ أما العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا فأبانت عن ازدواجية مقيتة انقلب فيها الاعلام الغربي على كل ما يدعيه من انسانية ليحصر اهتمامه في عدم المساواة بين اللاجئين الاوكرانيين الأوروبيين والسوريين المسلمين.
نعم، وسم السوريون في أوروبا «مسلمين» والاوكرانيون أوروبيون لا تليق بهم «الحرب» أو أن تراق دماؤهم على قارة تريق الدماء في قارات أخرى لكنها لا تقبل ان تراق دم من يتقاسم معهم العرق والدين، لذلك «أطلقت» على ما تفعله روسيا في أوكرانيا بـ»جرائم حرب ضد الإنسانية»، لكنها في المقابل وفي تبجح تام أدارت ظهرها لمسلمي البوسنة والهرسك عندما كانوا يقتلون ويدفنون أحياء في مقابر جماعية أريد بها إبادة المسلمين عن «بكرة أبيهم»، أما اليوم يرفض قادة الغرب الاكتفاء بدور المتفرج، فلا مجال للمقارنة بالنسبة لهم بين هاته وتلك.
مازال الشعب الفلسطيني يعاني ويلات «اللصوصية» التاريخية الممارسة من طرف احتلال يريد سرقة أرضه وتاريخه تحت غطاء حق مشروع في الدفاع عن النفس، ومازالت الصحراء الغربية تنتظر القرار الفاصل بسبب حسابات ضيقة تتحكم فيها تحالفات المصالح على حساب حق الشعوب في تقرير مصيرها، ولن يكون خراب العراق وسوريا سوى صورة حقيقية تعكس الوجه المظلم للغرب في «حياكة» الدسائس والمؤامرات، فعندما يعامل الإنسان بازدواجية مقيتة تضع قواعدها عنصرية متطرفة فلا مكان يبقى للعدل والمساواة.
وقد قال الفيلسوف مالك بن نبي من قبل، الانسان أساس كل شيء، لأن صلاح الحضارة وفسادها يقاس بمدى النفع أو الاضرار به، لذلك وجب توحيد مفهوم الانسان لننتقل بعدها الى المطالبة بحقه في الأمن والسلام، فعندما يتحوّل الانسان الى مجرد معامل في معادلة الربح والخسارة لن يكون الغد قريبا.