مخطئ من يعتقد أنّ مصير الشعوب تتحكم فيه حسابات قوى الاستعمار الجديد كما يعتقده خاطئا رئيس حكومة اسبانيا الذي باع المبادئ وقايض الموقف بالانغماس في حسابات الاحتلال المغربي للصحراء الغربية، ما أثار استياء القوى الاسبانية المتعلقة بالشرعية الدولية.
القضية الصحراوية التي أدرجتها منظمة الأمم المتحدة في جدول أعمال لجنة تصفية الاستعمار ليست بتلك البساطة التي يتصرف بها بيدرو سانشيز، متناسيا أنّ الجمهورية العربية الصحراوية عضو مؤسس للاتحاد الإفريقي ولديها عشرات السفراء المعتمدين في عواصم العالم، وأكثر من هذا يقف الشعب الصحراوي في خندق الكفاح بكل الوسائل المشروعة، أبرزها العمل الدبلوماسي الذي يرتكز على القانون الدولي، الضامن لحقوق الشعوب في تقرير المصير عبر آلية الاستفتاء.
لقد أحدث القرار الغريب والمفاجئ لحكومة مدريد صدمة في الأوساط الاسبانية الحرة المتشبّعة بقيم الشرعية الدولية والمبادئ الإنسانية، ذلك أنّ سجل التاريخ يحتفظ بعناوين بارزة لمسؤولية اسبانيا التاريخية والقانونية والأخلاقية تجاه مصير الشعب الصحراوي لكونها كانت دولة احتلال قبل أن تتنازل، بطريقة إجرامية، وبغير وجه حق لاحتلال آخر، هو المغرب، ضاربة القانون الدولي عرض الحائط، ضمن ما يعرف بصفقة مدريد التي لا تجد أيّ قبول من المجتمع الدولي الحرّ.
بمعيار المسؤولية الدولية يكون شانشيز قد أخطأ الاتجاه لكونه أدرج في مسألة تتعلق بتصفية الاستعمار حسابات ضيّقة تتنافى مع مبادئ حزبه «الاشتراكي» وتتعارض مع التوجّه العام للشارع الاسباني، الذي بدأت أحزاب منه تتحرك للمطالبة بمثوله أمام البرلمان لتقديم تفسير حول تصرف لم يعهد من حكومات سابقة، حرصت على انتهاج مسار أقرب ما يكون مناهضا للاحتلال.