تناقض كبير في سلوك الجزائريّين تجاه الماء، الذي تشن ضده حروب وتُسفك دماء، بينما يهرعون للصّلاة إذا ما شحّت السّماء، لكن وبمجرد أن تهطل الأمطار وتمتلئ السّدود، يصبح هذا المورد الحيوي والاستراتيجي عرضة للتبذير وبشكل غير معقول..قنوات مكسورة ومياه الشرب تتدفّق في الشوارع والطرقات، ولا أحد يتحرّك تجاه ذلك.
تشير تقديرات وزارة الموارد المائية، إلى أنّ امكانات المياه الطبيعية في البلاد تصل إلى 19 مليار متر مكعب في السنة، لكن الكمية غير متوفرة بسبب الظروف المناخية (مناخ شبه جاف) المتميز بقلة تساقط الأمطار، وبالمقابل الطلب يزداد في الارتفاع.
يعتقد بعض الخبراء في المجال، بأنّه ينبغي على الجزائر أن تغيّر نظرتها للماء، المبنية على مقاربات التسيير التقليدية التي تهتم بالربحية، أي اعتبار الماء «كسلعة» فقط أو تلك التي تعتبره موردا مجانيا غير خاضع للقواعد الاقتصادية، هذه النظرة ساهمت بشكل كبير في ترسيخ سلوك سلبي للمواطن تجاه المياه، حيث يعتبر الحفاظ على الماء من آخر اهتماماته، والغريب أنّه يعلم علم اليقين أنّ البلاد تواجه منذ سنوات إشكالية الجفاف، كما أنّ غياب الإجراءات الصّارمة التي تجبر على عدم التبذير واقتصاد هذه المادة، جعل الجميع لا يعطي لهذه المسألة كامل الأهمية.
آن الأوان للتّفكير بشكل جدي، وإيجاد الحلول الممكنة للرفع من قدرة البلاد في مجال إنتاج المياه الشروب، سواء من خلال السدود او استغلال المياه الجوفية خاصة في الجنوب الكبير، الذي تريد بعض الدول أن تنازعنا فيه، وهذا ما يجعلنا نسرع في الاحتفاظ بمخزوننا من المياه تحت الأرض، لأنّه يمثّل الأمن المائي الذي نخبّئه للأجيال القادمة، ولا بد أن ينخرط المواطن بشكل إيجابي في مسعى اقتصاد المورد في الاستهلاك للحفاظ عليه، ولنا في الأزمات التي تعيشها الدول القريبة من الجزائر جغرافيا خير مثال.