جميع المؤشرات والتوقعات تفيد في الوقت الحالي بأن أسعار النفط ستحافظ على متانتها لعدة أشهر مقبلة، وربما إلى غاية عام 2023، لأن الطلب العالمي على الذهب الأسود سيقفز إلى 100مليون برميل يوميا، مع استمرار التقلب بعد أن أصبح السمة الطاغية على الأسواق، حيث مازال عدم اليقين يخيم على العرض والأسعار، وبات الطلب يحذوه كثير من التوجس وعدم الاطمئنان من وفرة العرض وسط هواجس متعددة مدفوعة بمخاوف انقطاع الإمدادات فجأة ومن دون سابق إنذار.
عدم الاستقرار وتعثر تتويج محادثات النووي الإيراني دفعت بالمستهلكين إلى إقبال كبير على الشراء بتهافت، مما عزز محافظة أسعار البرميل فوق سقف 100دولار، وبات نزوله عن هذا المستوى العالي غير وارد في الوقت الراهن على الاقل. ومن العوامل التي زادت من مخاوف شح منسوب الإمدادات تصريحات أطلقتها وكالة الطاقة الدولية، فلم تتوقف عن التحذير من فقدان المعروض النفطي العالمي بما لا يقل عن ثلاثة ملايين برميل يوميا، بدءا من شهر أفريل الداخل ولا يقتصر الأمر على النفط وحده، بل أيضا والمنتجات المكررة.
غير ان التداعيات الكبيرة التي أشعلت أسواق الطاقة تسببت فيها بالدرجة الأولى العقوبات المفروضة على موسكو، التي أدخلت الأسعار، طيلة الثلاثة أسابيع الماضية، في مسار ارتفاع حاد، انعكس على المواد الغذائية ومختلف الخدمات التي رفعت من كلفة المعيشة في العالم، في وقت مازالت السوق النفطية تحتاج إلى نحو مليوني برميل يوميا من الإمدادات الإضافية بهدف التقليل من الاضطرابات الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
وتترقب السوق النفطية بشكل مبكر انعقاد الاجتماع الوزاري لتحالف «أوبك +»، المقرر نهاية شهر مارس الجاري، تحذوها آمال في زيادة أعضاء «أوبك» للإنتاج بشكل يتجاوز أهدافهم المسطرة في الوقت الراهن في التحالف الذي يضم دول منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» وكبار المنتجين من خارجها ويقدر بحوالي 400 ألف برميل يوميا على أساس شهري، و بالموازاة يتطلع المستهلكون الى انفراج في مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني وعودة طهران إلى الأسواق بشكل رسمي.
لكن كل ذلك لن يهدئ من جموح الأسعار التي لا يمكن لأحد أن يوقف اشتعالها في حالة تراجع الإمدادات الروسية، فهل ولى عهد الأسعار المنخفضة أو بمعدل متوسط ومن ثمة ما على الدول المستهلكة سوى التحضير لتحمل التداعيات كون المرحلة المقبلة تبدو مغايرة تماما عن التي سبقت؟