أحيت الجزائر أمس الذكرى 60 لعيد النصر الذي يؤرخ لذكرى وفق إطلاق النار، نصر لم يأت على طبق من فضة أو هبة كما يقول البعض ممن يزال ولاؤهم لفرنسا قائما.
هو نصر تمّ افتكاكه بعد مخاض عسير من المفاوضات، ومحاولات عديدة من الطرف الفرنسي من أجل الإبقاء قدر الإمكان على بعض المناطق التي تخزّن الوقود الذي تحرّك به فرنسا اقتصادها، إنه جنوبنا الكبير، الذي أراد الاستعمار الاحتفاظ به، وقد بذل كل ما في وسعه أثناء مفاوضات «ايفيان» من مناورات خبيثة لتحقيق هذا المراد، لكن مساعيها باءت بالفشل.
ومن عبقرية المفاوض الجزائري، أنه استغل كما يجب الوضع الداخلي الفرنسي من أجل إنجاز مهمة الاستقلال بكل نجاح وهذا ما كان.
لقد استفزت سياسة ديغول أربعة جنرالات ويتعلّق الأمر بكل من جوهو، سالان، شال، زيلير الذين ثاروا ضد رئيس الجمهورية الخامسة، وكان ذلك سنة قبل وقف اطلاق النار (افريل 1961) فأصبحت السلطة الفرنسية في خطر وأصبح الانقسام واضحا داخل القوات العسكرية الفرنسية.
فرصة من ذهب استغلها قادة الثورة المحنكون، للضغط أكثر على ديغول، أرغمته على إيجاد حل عاجل للقضية الجزائرية، فأخبر الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بأنه على استعداد للتفاوض مع جبهة التحرير الوطني كممثل وحيد للشعب الجزائري، وتمّت المفاوضات وانتصرت للقضية.
ولعلّ أهم ما يستخلص من هذه الذكرى، أنه مهما كان العدو ومهما كانت قوّته، فإن لديه نقاط ضعف، تمنح الفرصة للمعتدى عليه أن يوقف الاعتداء والخروج من السيطرة، وهذا ما تمّ بالضبط، حيث أظهرت فرنسا الاستعمارية عدم قدرة على مواصلة الحرب ضد الجزائر، لأنها تواجه شعبا لا يرضى عن الحرية والاستقلال الكامل بديلا.