كثيرا ما يقع المبحر في منصّات التّواصل الاجتماعي على (أفكار خارقة) يتداولها أولئك الذين أطلقوا على أنفسهم اسم «المؤثرون» (على وزن المتحوّلون والمتخلّفون)، فيكاد ينقصم من شدّة الضّحك، ويسلم الرّوح تحت وقع «الفهامة الزائدة»..
وكان آخر ما وقعنا عليه واحدا من هؤلاء يبحث عن الحلول لندرة الزّيت، ولقد توصّل (بسْلامتو) إلى اقتراح فكرة «مضاعفة سعر دلو الزّيت» كلما تضاعف الشّراء، أي أن سعر بيع الدلو الواحد المحدّد بخمسمائة دينار، يتضاعف إلى ألف وخمسمائة دينار إن أراد الزبون الحصول على دلوين اثنين، بينما يكون سعر ثلاثة دلاء ألفين وخمسمائة دينار، وهكذا دواليك، لأن مضاعفة السعر هاته–وفق سيدنا المؤثر العبقور–تضمن أن يشتري كل زبون دلوا واحدا فقط، وهكذا يتوفر الزيت للجميع، وتصبح الحياة حلوة..
ولم ينتبه صاحبنا العبقور إلى أن (فكرته الرائدة)، تقتضي – مثلا – شرط تقديم بطاقة الهوية، كي يضمن أن الزبون الثاني لا يرتبط بصلة قرابة مع الزبون الأول، وهذا مقتضاه ربط كل محلات المواد الغذائية بالسجل الوطني للسكان، وتقديم «شجرة العائلة» ضمانا لتفعيل «فكرة المضاعفة» بعدالة، ثم إن الألقاب يمكن أن تتشابه دون أن تكون هناك أيّة صلة قرابة، وهذا يستدعي فرض استخراج وثيقة «الفريضة» كلّما احتاج أحدهم لشراء دلو زيت، وبما أنّ طابور النساء يكون – عادة – أقصر من طابور الرجال، يمكن أن يتحايل أحدهم ويأخذ دلوين، واحد باسمه، والثاني باسم زوجته، وعلى هذا، يفترض أن يقدم كل زبون وثيقة عقد الزواج، أو وثيقة العزوبية، كي يضمن البائع تجاوز هذه الحيلة.. ويبقى ضمان نزاهة البائع في المساحات الكبرى خاصة، إذ يمكن أن يبيع بسعر مضاعف، ويسجل السعر العادي، ما يتسبب في خسارة فادحة لصاحب التجارة..
صراحة.. ندرة الزّيت لا تقتل، ولكن الواحد من الناس يمكن أن يقتله الضحك، فالله الله، ألجموا حمقى التّواصل الاجتماعي..