الحروب والنزاعات مهما اختلفت مواقعها وتباينت أسبابها، تتقاطع جميعها، في نقطة جوهرية واحدة و هي أنها تترك نفس الأثر الدرامي وتخلّف نفس المآسي وسط الشعوب التي تقع تحت وطأتها.
نتائج الحروب لا يمكن إلا أن تكون مؤلمة، وضحاياها مهما اختلفت جنسياتهم وألوانهم يحتاجون الغوث و المساعدة ومدّ يد العون للتخفيف من معاناتهم، وهو ما نقف عليه هذه الأيام مع الشعب والأزمة الاوكرانية، حيث هبّت أوروبا كلّها لنجدة اللاجئين الفارين من الحرب، و تأهبت كل المنظمات والبرامج والآليات الدولية بشكل لم يشهد له مثيل في التاريخ المعاصر، لتمكينهم من بلوغ مناطق آمنة والحصول على المساعدة الضرورية، وليس هذا فقط، بل تحرّكت الأمم المتحدة، كما لم تتحرّك من قبل على عدة مسارات، لجمع المساعدات والأموال، والحشد على مستوى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة الأممية لوقف الحرب، وفي هذا الإطار عقد مجلس الأمن في ظرف أسبوع ستة اجتماعات حول الأزمة الأوكرانية، وعقدت الجمعية العامة اجتماعا تمخّض عن قرار يطالب بوقف الحرب، كما أقحمت قضية أوكرانيا على جدول أعمال الدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان، وتحرك المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وأعلن أن المحكمة، بدون أن يطلب منها، ستفتح ملفا للتحقيق في جرائم قد تكون ارتكبت في أوكرانيا.
العالم كلّه هبّ لنجدة الأوكرانيين وهذا شيء جيّد ومطلوب، لكن إنسانية الغرب التي نراها متوهّجة اليوم، تغيب وتنطفئ دوما عندما يتعلّق الأمر بشعوب لا تحمل عيونا زرقاء وشعرا أصفر.
الإنسانية واحدة وويلات الحروب هي ذاتها، لكن الغرب يفاضل بين ضحاياها، فلا يفتح أبوابه ويمدّ أذرعه إلا لانتشال اللاجئين الذين يشبهونه، وكم من صور مؤلمة رسّخت أنانية الغرب المتعالي المتكبّر في تعامله اللاانساني مع الفارين من جحيم الحرب في سوريا و العراق وأفغانستان ومن وحش الإرهاب في الساحل.
ويبقى في الأخير، التأكيد بأنه عند الشدائد تظهر معادن الناس، ومعدن الغرب ظهر غير صاف بالمرة وللشعوب السمراء رب يحميها.