سنة 2022 ستحمل للعالم اليوم وغدا وفي المستقبل، الكثير من التداعيات السيئة التي يصعب محوها بفعل آثار المواجهة الساخنة التي تشهدها منطقة شرق أوروبا، لأن العالم كله سيتضرر ولن تقتصر الخسائر على عاتق روسيا أو أوكرانيا وحدهما، بل العالم كله معني بهذا التصعيد الخطير. وبالموازاة مع ذلك، العالم في هذا الوقت بالذات يمر بسنة صعبة اقتصاديا سيصاحبها كساد تضخمي، ويعد أكثر ضغطا وضراوة من التضخم العادي، لذا من الضروري أن يتجه الجميع نحو الدفع بالكرة في مرمى الحوار وحل الخلافات عبر الخيارات الدبلوماسية بعيدا عن القوة والسيناريوهات القاتمة.
اقتصاديات دول العالم مطالبة في الوضع الحالي، بالاستعداد بحذر واستشراف لمواجهة آثار الوضع المتوتر في شرق أوروبا، لأنها مازالت تعيش على وقع صدمة الأسواق المالية والاقتصادية وتأثر واضح من انهيار الأسهم وتراجع النمو العالمي. وإذا لم تسارع في تجاوز ما يحاصر تعافي مسار تنميتها ستتأثر كثيرا بما يحدث على المديين القريب والمتوسط، لأن التضخم العدو الأكبر وعوائق عديدة من بينها هاجس إمكانية عودة قيود الغلق الوبائي ستعيق أداء رئتي الاقتصاد.
مازال الغرب يطلق ويلوح بتدفق العقوبات المالية القاسية على موسكو، في وقت كانت روسيا قد استعدت جيدا لمثل هذا اليوم. فبعد قيام واشنطن بإخراجها من نظام “سويفت المالي”، كانت قد قامت في السابق باستحداث نظام مالي روسي - صيني لا يعتمد على عملة الدولار، بل يتعامل فيه بالروبل واليوان، وهناك من يرى أنه سيكون بديلا حقيقيا للعملة الخضراء وهناك من الخبراء من يعتقد أنها مسألة وقت فقط، لأن هذا النظام الذي بدأ يتشكل في عام 2020، مفتوح على عملات محلية لدول ترغب في الاندماج إلى هذا النظام المالي الجديد والذي يمكن القول إنه بديلا يهدد عرش الدولار وسيطرته على سوق العملات الورقية.
التوتر هذه المرة يقع في أوروبا وليس بعيدا عنها، لذا المزيد من التصعيد وانعدام الاستقرار سيؤثر على القارة المتطورة التي تنعم بالأمن والرفاه، وخطر كل ذلك سيدفع الجميع تكلفته في ظل انكشاف أزمة لاجئين موجعة ومرشح عددهم لتجاوز 7 ملايين نازح، أزمة لم تعهدها أوروبا من قبل... فهل هذا يعني أن القارة العجوز مقبلة على هزات عنيفة؟.