بيجار.. تكريم ''العار''

 يقف الجزئريون مدهوشين أمام سعي البعض من الأوساط الفرنسية تكريم السفّاح ''بيجار'' بالرغم من الأصوات المرتفعة هنا وهناك، والرافضة قطعا لإعادة الاعتبار التاريخي لشخص يده ملطّخة بدماء الجزائريين، برفض  نقل رفاته إلى النصب التذكاري بفريجوس.
هذا الجلاّد هو الذي أمر بتصفية المناضل العربي بن مهيدي، وغيره من أبطال الجزائر، وهذا عندما كلّف بالمهمة القذرة لمحو آثار الثورة من العاصمة والقضاء على رموزها. هذا الماضي المليء بالممارسات الاجرامية من إعدامات واغتيالات واعتقالات وتعذيب، مازال مسجّلا في ''المسيرة الحالكة'' لهذا الرجل، ولا يعقل اليوم أن يتجرّأ المتطرّفون والمتوهّمون على تكريمه في نطاق تمجيد الاستعمار، بل هناك لوائح توقيعات تقدّر بالآلاف من المؤرخين والمثقفين والصحافيين تمنح كل التزكية لهذا الدموي.
نحن في الجزائر ماتزال جراحنا لم تندمل، وقلوبنا تعتصر ألما وأوجاعا لما اقترفه الاستعمار في هذا البلد، ولا يستطيع أحدا القبول بمثل هذه الأفعال، والمطلوب محاربتها ومقاومتها بكل قوة حتى يعرف كل واحد حجمه وماضيه.
ما قام به ''بيجار'' ندرجه ضمن جرائم ضد الانسانية، والقانون يعاقبه على ذلك مهما كانت حصانته، ولا يسقط كل هذا مادام متوفّيا لكنّنا لا نقبل بتكريم شخصية معنوية يريد البعض أن يمرّرها عاديا دون أيّ ضجة.
تاريخ هؤلاء معروف عند الجزائريين، وأي خطأ يرتكب في هذا الشأن فإنّ ردّ الصاع صاعين لأنّهم يسعون من أجل تبسيط الأشياء إلى درجة تتفيهها، وهذا لن يقبل مهما كان الأمر. لم يمرّ عن احتفالنا باندلاع الثورة إلاّ أيام قلائل، وفي مقابل ذلك يطالعنا البعض بمثل هذه المهازل.
ماذا يريد هؤلاء من الجزائر؟ في الوقت التي تظهر فيه بوادر لترميم ما يمكن ترميمه، وكيف يسمح لوزير سابق أن يتصرف بوقاحة أمام الرأي العام عندما جرى الحديث عن ''اعتذار فرنسا للجزائر''؟ هناك حقا ذهنية متطرّفة تجاوزت الحدود في نظرتها إلى الجزائر، كلّما تعلق الأمر بالثورة ففي كل مرة تطلق العنان لتصريحات وسلوكات ميزتها الحقد والانتقام، أو تبحث عن ''مجرم'' لتكريمه لاستقزاز مشاعر الجزائريين.
ويدرك الجزائريون كذلك أنّ الظرف الراهن المتميز بمحاولة إقامة تواصل مبني على نظرة مستقبلية بين البلدين، يتعرض للتشويش من قبل اليمين المتطرف، الذي يرفض أي تقارب بين الجزائر وفرنسا ويلجأ إلى استعمال خطاب لا يليق بأي مقام.