جاء انعقاد القمة الإفريقية - الأوروبية السادسة التي التأمت بين القارتين المتباينتين اقتصاديا وأمنيا ومناخيا وجغرافيا، واحدة في الشمال والأخرى بالجنوب، في ظرف مغاير تماما عن القمم السابقة، لأن العالم يمر بمرحلة فارقة، مكبّلة ومتأثرة في نفس الوقت بقيود الوباء المستمر بعد أن أحدث اختلالات صحية واقتصادية، غير أن القارة الإفريقية التي تملك الموارد والطاقات الثمينة ومازال رهان المستقبل بيدها، تئن في هذا الوضع العام أكثر من غيرها تحت وطأة عوامل سلبية كابحة لانطلاقها، لأن الاستقرار الأمني مازال الهاجس الأول خاصة ببلدان الساحل، مشكلا خطرا على مشاريع تنموية من شأنها أن تنصف طموحات شعوبها المتعطشة لبريق التغيير الاجتماعي والاقتصادي.
ماذا تحمل القمة بعد انتهائها للقارة السمراء؟. ربما سؤال بسيط لكنه قد يثار من طرف أي إفريقي يتطلّع لتغيير ظروفه للأحسن، هل ستنجح في تشريح الحلول القابلة للتجسيد على عجل، حتى يتخلص الأفارقة من معاناتهم وتخلفهم واستغلال الغير لثرواتهم من دون أن يجنوا مقابلا يجعلهم يقبلون على حياة أفضل، وقد يتبادر إلى أذهان الأفارقة كذلك أسئلة أخرى.. ماذا تريد القارة العجوز منهم بعد كل هذا الاهتمام والتقارب والودّ الذي تبديه بحماس.. هل فعلا سيتمكن الأفارقة الذي عانوا مطولا من التهميش وغرقوا في الإقصاء والاستغلال، من بناء علاقة شراكة متساوية المصالح مع أوروبا المتطوّرة والقوية علميا وتكنولوجيا فيخرج فيها كل طرف رابحا؟.
إذا كان الأمن والصحة والاستقرار جوهر علاقات التعاون وأهم الملفات التي حظيت بالنقاش، هل فعلا سينجح تعبيد طريق مختلف لشراكة جديدة أثارها الطرف الأوروبي ويتطلّع إليها الجانب الإفريقي من خلال تحقيق نتائج إيجابية يتمّ تحصيلها ولمسها على أرض الواقع؟.
لعل «جوزيب بوريل» وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، كان صريحا للغاية عندما اعترف بأن أوروبا لن تكون قادرة على مساعدة إفريقيا، مع عدم الاستقرار وانعدام الأمن، محذرا في نفس الوقت من أن الانقلابات العسكرية والنزاعات والإرهاب والاتجار بالبشر والقرصنة تجتاح القارة وتؤثر على بلدان أوروبا، لكن إفريقيا تسيل لعاب الدول الكبرى من مختلف القارات وتعدّ محط طموح الجميع، ويمكنها أن تحسّن استغلال ذلك في أسرع وقت ممكن.