شهدت ليبيا مؤخّرا أحداثا متسارعة برزت فيها متغيّرات فارقة، جعلت المسار السياسي في مفترق الطرق، مع مخاوف متراكمة في بلد عانى كثيرا بعد أن عصف به الاضطراب والعنف والتفكك، وما زالت تجربته المرّة جاثمة على صدر شعبه، في وقت يتطلّع فيه اللّيبيّون لتطهير الأرض من المرتزقة والمسلحين الأجانب الذين يهدّدون أمن واستقرار ليبيا، وكذا وضع حدّ للأطماع الخارجية عن طريق وحدة الصف وسد كل منافذ قد يتسلّل عبرها المتآمرون من الخارج.
الاستقرار والتوافق، أوّل خطوة يمكن أن تحمي ليبيا التي كانت في كل مرة تكاد تقترب من تعبيد طريق تتجاوز فيه الأزمة نحو مستقبل مشرق، لذا هناك من يرى في الوقت الحالي أنّ التعجيل بتنظيم الانتخابات يمثّل ركيزة أساسية تسقط معها جميع الخلافات والمنافسة الشّرسة للتموقع في جهاز الحكم، وفوق ذلك إنّ الحلول عديدة ومتاحة لكن إذا تكاتف الليبيون ووضعوا اليد في اليد، فلن يحتاجوا بعد ذلك إلى حلول أجنبية، كونهم قادرين على صياغة الترتيبات التي تتناسب مع تهيئة البيت الداخلي،الذي لن يعرف أسراره وخباياه أكثر من الليبيين أنفسهم.
تصفية الأجواء وشق الطريق نحو إرساء التوافق والحوار، ووضع مصلحة الوطن من شأنها أن تقرّب وجهات النظر المختلفة، وتضع حدّا للخلافات العديدة التي ما زالت قائمة، في وقت يجب أن تمنح الكلمة للشّعب الليبي ليقرّر مصيره حتى تعطى له فرصة إعادة بناء وطنه بعد سنوات من الضّياع، لأنّ كلفة الأمن والاستقرار لا تقدّر بثمن والوجهة إليها واضحة، لذا ينبغي أن تكون شفّافة من دون شوائب أو عراقيل أو انقسامات قد تغذّي صراعات لم تكن موجودة فتطفو على السطح، فتضع أمام مسار حل الأزمة السياسية ذرائع وعراقيل ستؤدّي إلى البقاء في نفق مظلم ومسدود.
لذلك ينبغي أن يتفطّن الشعب الليبي ومعه الطبقة السياسية والشخصيات الوطنية الفاعلة لحساسية الظرف الراهن وخطورة المستجدّات، ليتعاون الجميع على إنهاء تهديدات قد تلغي الخطوات المتقدمة التي حقّقوها منذ تسطير خارطة الطريق، وبالتالي منع حدوث السيناريو الأسوأ.