أثارت ترجمة تسميات قطع إلكترونية، نشرتها واحدة من المصالح الإدارية، كثيرا من الضّحك على منصّات التّواصل الاجتماعي، فقد اشتغل المترجم بـ«نيّة طيّبة»، وبذل جهدا كي يزيّن وثيقته بلغتنا الجميلة، ولكنّه لم يستعمل خبرته في الحياة، ولا معرفته باللّغات، وإنّما اكتفى بترجمان غوغل، وإذا بشرائط الذاكرة الحيّة، أو لوحاتها، تتحوّل – بقدرة قادر – إلى «شرائط الكبش»، دون أن يتساءل المترجم عن معنى «الكبش» أو مغزاه، ولا عن مبرّر تسرّبه إلى دواخل الكمبيوتر، بل إنه لم يعبّر حتى عن اندهاشه من وجود «كبش» (قد يكون أقرنَ) في ساحة الإلكترونيات..
ولقد قلنا دائما إن «لغة الشّعب وفيّة لمعارف الشّعب»، بل هي معبّرة عن عمق فكره، وشارحة لمضمون ما يختلج بصدره، وهي قادرة على الوصف والتّعبير والشّرح، ما دام المتكلّم بها واعيا بما يحيط به، متمكّنا ممّا يتولاه، عارفا بأصول مهمّته، ويخطئ خطأ ذريعا إن هو اتّخذ من «اللّغة» مضمار تنافس، أو عنوان فخر، لأنّه، في هذه الحال، يكون قد أخرج «اللّغة» من وظيفتها المتعلّقة بالتواصل والتلقي، إلى وظيفة أخرى لا تستوعبها ولا قدرة لها عليها..
ولقد تعوّدنا على التّرجمة الحرفية المثيرة للضحك، ومنها، على سبيل المثال، ما اجترحه مترجم الفيلم الشهير «أكاديمية الشرطة» الذي ترجم كلمة تقول: (Les Poulets arrivent) بـ(الدّجاج وصل)، رغم أنه رأى بالصورة والصوت وصول رجال الشرطة، فهو لا يعرف بأن (Poulets) لغة تقول غير الذي تقول..
إن اللّغة، مهما تكن اللّغة، قادرة على استيعاب المعنى، متمكنّة من الوفاء به وتبليغه، شرط أن تكون المعارف كافية، والمعلومات وافية، والإحاطة شاملة، وهي جميلة في كلّ حالاتها. فإن بقي، بعد هذا، من يتّخذ منها مركبا أيديولوجيا، أو أداة لتمرير طموح، فإنه سيظل عالقا بين «شرائط الكباش».