لا نعرف مستوى “الجدّية” التي يتحدّث بها فرع المنظمة العالمية للصّحة بإفريقيا، حين يدعو إلى مضاعفة التّلقيح ضد “كورونا” ستّ مرات، من أجل الوصول إلى نسبة 70٪ مع منتصف العام الجاري، بما هو الموعد الذي تتوسم المنظمة أن يكون نهاية للمرحلة “الحادة” من الجائحة، واشترطت له بلوغ تلك السبعين من المائة..
والحق أنّنا لا نشكّ في تقديرات منظمة الصّحة، فهذه تمتلك المعطيات اللاّزمة للتّحليل، وتعرف جيدا (عقليّة) الفيروس وأسلوب “معيشته” و(عفسات) انتشاره. غير أنّنا نشكّ في قدرة إفريقيا على الوفاء بالنّسبة المرجوّة، خاصة وأنّ (المغبونة) لم تتمكّن، منذ أوّل تلقيح إلى اليوم، إلا من إحدى عشرة من المائة (إذا قدّرنا أنّها نسبة دقيقة)، وهي النّسبة الذي توصف بأنّها “الأدنى عالميا”..
ولا ينبغي أن نتّهم إفريقيا بأنّها تتسبب في استمرار الجائحة، فهذه قارّة ما يزال عناء الكولونياليات، قديمها وحديثها، جاثما على صدرها، وهي تعيش مخلّفات الظّلم و«الحقرة” و«التّحقير” كاملة إلى يومنا هذا، ما يعني أن مطلب منظمة الصحة نفسه، يتحوّل – في الواقع المعيش – إلى نظرة دونية ينبغي تجاوزها، إن كانت المنظمة “جادّة” في بحثها عن تجاوز الجائحة وآثارها، والمواجع التي أصابت بها العالم أجمع..
وفي كلّ حال، تبقى إفريقيا ضحيّة في هذا العالم، فهي لا تملك مخابر تتلاعب بالجينات، ولا أدوات تطوّع بها الفيروسات، بل إنّها لا يخطر لها على بال شيء من أفكار الاستيلاء على موارد العالم الطبيعيّة، ولا استعباد موارده البشريّة، وغاية مطمح الإفريقي، لا تتجاوز لقمة عيش يسدّ بها رمقه، بعيدا عن الصّراعات الدّولية التي تتّخذ من أراضيه مساحات مغالبة..
يبقى أن “التلقيح” ضروري لتجاوز المأساة العالمية، وهو لا يحتاج تحويل الجائحة إلى “تهمة” تلصق بإفريقيا، فالعالم بمجمله يتحمّل المسؤولية كاملة..