جهود دبلوماسية حثيثة ما زالت تبذل وأكيد لن تتوقف إلى غاية إيجاد حلول نهائية للأزمة الأوكرانية، وسط توتّر غير مسبوق ضاعف من هواجس اشتعال بؤر نزاعات حقيقية، بل وزاد من حجم المخاوف خاصة من طرف واشنطن التي دعت رعاياها إلى مغادرة أوكرانيا فورا، بالرغم من أن روسيا فنّدت في العديد من المرات وبشدّة مزاعم غربية، وقالت إنّها ضخّمت الأحداث وذهبت في تصورها بعيدا، على خلفية أن موسكو أفادت أن كل ما يروّج له ليس له أساس من الصحة، بل يساهم في نشر الذعر والخوف والاضطراب.
التصعيد خاصة في هذا الوقت بالذات وقبل التعافي الصحي والاقتصادي من كورونا، فاتورته وآثاره ستكون ثقيلة جدا، لذا لا يمكن تصوّر أنّ أي طرف سيجنح إلى التوتر أو سيلجأ إلى تبنّي الخيارات التي يمكن أن تضع المنطقة على صفيح ساخن، فنجد أوكرانيا مع بداية نشوب الأزمة، كانت قد امتعضت من تصريحات دول غربية حول أنها توجد في وضع عصيب وتحيط بها الأخطار، لأنّ هذا حسبها أثر على تواجد المستثمرين على أراضيها، ولأنّ تكلفة أي تصعيد عسكري طائلة ومؤلمة، لذا جميع الجهود ستكثف وتجمع ليكون صوت الحلول الدبلوماسية الأقرب لإنهاء الوضع الحرج الذي تمر به الأزمة الأوكرانية، مع هدوء وثقة روسية، ويقابله حرص أوروبي يوحي بأنّ طاولة الحوار ستكون الورقة الحاسمة في إيجاد مسار بديل يبعد أي حديث عن خيارات عسكرية.
العالم كله ينشد السّلام، ويتقاطع حول نقاط الاستقرار ويبحث عن بواعث التفاهم عبر جولات الحوار والتفاوض، لأنّ كل الخلافات يمكن أن تحل سلميا لأنّ العالم لا تنقصه مآسي، ولا يتجمّل مزيدا من الآلام، وبدون شك أي خطوة تفاقم من تداعيات الظرف سيحسب لها الجميع ألف حساب، والدليل أنّ العديد من الحروب استمرت لسنوات طويلة، وبعد ذلك تفطّنت أطرافها بما فيهم أطراف النزاع، وحتى الذين دخلوا وراء ستار الحرب بالوكالة، إلى ضرورة التفاوض والتصالح وطي صفحات الخصومة، لكن بعد أن سقط الضحايا وتشرّد الملايين، وتهدمت مدن وضيعت سنوات من عمر شعوبها تحت وطأة العنف والفوضى والمعاناة.