مؤشر بناء يرتسم في أفق الشراكة بين الجزائر وليبيا وهو بمثابة إشارة تفتح آفاقا واسعة لعودة البلد الشقيق الجار إلى مركزه في المشهد الاقتصادي، من خلال الاتفاق الذي أبرمته الشركة الوطنية للمحروقات سوناطرك، مع نظيرتها الليبية، يتعلق باستئناف النشاطات في قطاع المحروقات.
وليس غريبا مثل هذا التوجه الذي يعطي محتوى ملموسا للتعاون بين البلدين وفقا لمعايير الشراكة والتضامن، كونه يوفر فرصا للعمل الثنائي والمرافقة في استئناف الدورة الاقتصادية في بلد يستحق وضعا أفضل مما هو قائم، نتيجة أزمة طال أمدها وحان الوقت لطي صفحاتها السلبية حتى تستعيد ليبيا مكانتها الطبيعية.
إن الثقة التي تجددت بين المؤسستين ترتكز على أرضية صلبة لها تاريخ طويل منحها مصداقية، تعززها الكفاءة والمبادرة والجدية في الالتزام وهي من العوامل الجوهرية لشراكة مستدامة لا مجال فيها للارتجال أو أي اعتبارات أخرى رفعتها أطراف أخرى لطالما دفعت ليبيا ثمنا باهظا جراءها بسبب أنانية البعض وتطاول البعض الآخر.
لقد سعت الجزائر، منذ البداية، إلى مرافقة الأشقاء الليبيين على اختلاف توجهاتهم، من اجل إنارة الدرب أمام الحل السياسي عبر الحوار الذي يقود إلى المصالحة بما يوفر للشعب الليبي أسباب النهوض مجددا والانسجام في الحركية التي يعرفها العالم، خاصة في مجالات التنمية بمفهومها الشامل واستثمار الموارد الطبيعية بعيدا عن أي ابتزاز أو مقايضة.
إنه السبيل الذي يختصر الزمن ويقلص المسافة بين الفرقاء لتبرز المصلحة الوطنية الليبية بكونها القاسم المشترك والموروث الذي تتقاسمه الأجيال التواقة للتنمية والرفاهية، خاصة وأن ليبيا تتوفر على كافة أسباب بلوغ ذلك، المادية منها والبشرية، من بوابة الشراكة كما هو مع الجزائر في مجال المحروقات وغيرها.
إن مجالات التعاون غير محدودة يشكل الإنسان جوهرها وهي كفيلة بأن تستوعب كل التطلعات وتستجيب للآمال المشروعة في تغيير الوضع من منصة الاقتصاد الذي تشكل الطاقة قلبه النابض وقاطرته التي في المتناول ضمن معادلة عادلة ومتوازنة؛ ذلك أن عودة سوناطراك لاستئناف نشاطاتها في ليبيا تشكل رسالة أمل في بلوغ وضع أفضل.
لذلك، ليس غريبا أن يتحقق مثل هذا التعاون الذي يمثل أفضل رد على تجار الأزمات.