يلتقي رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، في القمة الخامسة والثلاثين، بأديس أبابا، لمناقشة الكثير من القضايا وعلى رأسها «تجانس» و»وحدة» الموقف الإفريقي.
أمام هذا التحدي، تسجّل الجزائر أداء دبلوماسيا لافتا، من حيث كثافة الأنشطة أو فحوى اللقاءات العديدة والمتعددة التي عقدها وزير الخارجية لعمامرة، والمهام التي أداها كمبعوث للرئيس عبد المجيد تبون.
هذا النشاط الكبير، وجد صداه في منصات التحليل والتداول الإعلامي على أنّه عودة للدبلوماسية الجزائرية، ليساق فيما بعد إلى جهة مقابلة لتشنّ عليه حرب نفسية أو إعلامية طاحنة تضعه في ميزان «الفشل» أو «النجاح».
ومثال ذلك أن تعتبر معظم المخرجات المتوقعة لمختلف مشاريع القرارات، بالضرورة «انتصارا» أو «فشلا» للجزائر وحدها ودون سواها. فهناك إذا من يضع الحمل الثقيل لقارة تضم 55 بلدا، على عاتق دولة واحدة، بالرغم من أنّ قاعدة العمل التعددية التي تحكم الاتحاد الإفريقي، اخترقت بشكل خطير، فحول مفهوم التعددية الذي يعني التشاور إلى تعدد المواقف وانشطارها تحت غطاء «سيادة الدول».
ومقابل هذه التغيرات السريعة التي أصبحت واقعا جديدا مفروضا على المنظمة القارية، لا ينبغي بالضرورة، إخضاع الدور الجزائري، إلى التقييم المسبق من منطلق النجاح أو الفشل، وإنّما إنصافه من حيث كونه دورا «رياديا» و»نضاليا» لصالح وحدة إفريقيا والوفاء للميثاق التأسيسي للاتحاد والقيم المشتركة على رأسها الحرية والانعتاق.
إنّ النظرة الضيقة في استقراء دور الجزائر، لا تصح بالمقارنة مع ما يتهدد الاتحاد الإفريقي من شروخ تسببت فيها تصرفات إدارية أحادية مبنية على مصالح ضيقة جدا، كما هو حال إعطاء صفة مراقب للكيان الصهيوني. وهنا، تدافع الجزائر عن مبدأ أعلى هو «الإجماع الإفريقي»، ويفترض أن ينساق وراءه كل غيور على هذه القاعدة الجوهرية، كونها منبثقة من المصلحة العامة لشعوب القارة وليس من موقف كل دولة من الكيان الغاصب.
ولعل توجّه كل هذه الأنظار إلى الأداء الدبلوماسي للجزائر، بهذا الشكل نابع من سمة الثبات الذي يميّزه، مقابل الشكوك التي تسربت إلى منطق العلاقات الدولية جراء أساليب الأنانية وشراء الذمم.