لم يختلف الإحصاء السكاني الأخير عمّا سبق من عمليّات إحصائية، فيما يتعلّق بنسب الذكور والإناث في تركيبة المجتمع الجزائري، ولقد تبيّن من جديد أنّ عدد الرجال أكبر من عدد النساء في المجمل، وإن كان التفاوت، هذه المرّة، بسيطا نوعا ما مقارنة بالعشريّات السابقة.
ولا شكّ أنّنا نحتاج إلى تفاصيل أكثر من أجل تفكيك عدد من الإشكاليات التي يقترح لها بعضهم حلولا مناقضة تماما للأرقام الميدانية، غير أنّنا يمكن أن نستشفّ مباشرة أن الحلول المقترحة لما يوصف بأنه (مشكلة العنوسة) -على سبيل المثال- إنّما هي (حلب وراء الطاس)، و(دونكيشوتيات) فارغة، لأنها ليست حلولا موضوعيّة تطابق المعلومات المؤكدة بالأرقام، بل هي التّجني الخالص على “المرأة”، وهي الحمق المنقّح الواضح في اللّهث وراء مصالح (سي الموسطاش) الذي يعتقد (مخلصا) أن الشّرع وضع لأجل رفاهيته.
قد يكون واضحا – بالأرقام – أن مشكلة العنوسة لا علاقة لها بتعداد السّاكنة، وأنّ الذين يناضلون من أجل تكريس فكرة التّعدد، إنّما (يضربون الريح بهراوة)، وإن كان “التّعدّد” حلّا لإشكاليات عضال لا ينتبه لها (المناضلون) المنشغلون بمصالحهم الخاصة، مثلما انتبه لها الألمان، وفرضوها بعد الحرب العالمية الثانية من أجل العناية بـ«الأيتام” حصرا، وهو ما ينبغي أن تكون عليه الحال عندنا، غير أن (المناضلين) الرّاسخين يفضّلون على الدّوام ما يمرّر قراءاتهم القاصرة، أمام ما يتطلبه واجب المعرفة من قراءة وتمعّن في الواقع المعيش الذي يقدّم نفسه واضحا لا لبس فيه.
ما يهمّنا هنا، هو أن أرقام الإحصاء الأخير التي برهنت من جديد على أن تعداد الرجال أكبر من تعداد النساء، ينبغي أن يضع حدّا للعقل المسحور، ويلزمه بحسن الأدب على الأقل، ويغنيه عن اللامعقول الذي يذيعه بلا حياء تحت عنوان: “اخطبي لزوجك”..