تداولت منصّات إخبارية حديثا عن نوع جديد من كوفيد المشؤوم، قيل إنهم أطلقوا عليه اسم (نيو- كوف)، ووصفوه بأنّه «قاتل حقيقي»، وأنّه يمكن أن يستخلص لنفسه واحدا من بين كلّ ثلاثة مصابين، وقيل إنّ اسمه ورد بورقة بحث صينية لم تتمّ مراجعتها بعد.
ولقد تصاعدت الحملة الإعلاميّة (لصالح النيوكوف طبعا)، وتصاعدت معها حملة «التهوين من شأنه»، على أساس أن (النيوكوف) في أصله (طيّب النّية)، ولا يتعامل مع البشر إلا إذا تحوّر بشكل يناسب جسم الإنسان، ما يعني أنّه يحتاج إلى طفرة كي يحدث الطّفرة..
والحق أنّ متابعة أخبار الفيروسات (كلّها على بعضها) أرهقتنا، خاصة وأن هذا الفيروس الشّؤم، له تأثيره المباشر على أدق تفاصيل حياة البشر، بل إنّه عطّل حياتنا وفرض علينا ترقّب لحظة الإصابة بنوع من الهوس المضرّ فعلا. فالذي لا يصاب بكوفيد، يصاب بالقلق والاضطراب والخوف وما شاء الله من مصائب الحياة غير المستقرة، رغما عن توفّر أسباب السّلامة، والخبرة التليدة في التعامل مع الفيروس ومتحوّراته..
صراحة، المشكلة ليست في الفيروس، فهو يقوم بـ(بواجبه) وفق طبيعة خلقته وتكوينه، دون إدراك ولا وعي بما يسبّب من آلام. غير أن «الواعي» و»المدرك» والمفضّل على الخلائق بـ»العقل»، يرفض الانصياع لفروض العقل، بل إنّه يكابر ويروّج لأكاذيب تفيد بأن «اللّقاح» قاتل، أو يخترع من حبّة رأسه وصفات من الزنجبيل وزيت الخرْوَع، وكثيرا ما يكون متأكدا من إصابته بالفيروس، ويصرّ، مع ذلك، على مخالطة النّاس، والتمسّح بهم، على أساس أنّ «فكرة التّباعد» مجرّد كلام..
المشكلة في الوعي إذن، ونعتقد أن الضّرر الذي أحدثه الوعي الزائف، أكبر بكثير من ضرر الفيروس المتحوّر نفسه، فألم الفيروس ينتهي، بينما يبقى (المتهور) مهيمنا على يومياتنا..