لم تكن السنة المنقضية عادية بالنسبة لتونس، حيث شهدت هذه الدولة التي قادت قطار التغيير العربي، أحداثا سياسية مفصلية كان لها وقعها وتأثيرها على الوضع الاقتصادي و الحياة الاجتماعية للتونسيين.
شهدت تونس في عام 2021 جدلا قويا في أرجاء البرلمان قاد إلى انسداد سياسي وتوتّر حبس الأنفاس، كما عرفت البلاد تحوّلات كبيرة أشدّ ما ميّزها القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد في 25 جويلية الماضي والتي قلبت المشهد السياسي وأطلقت ورشة لتصحيح المسارات الخاطئة وإصلاح الاختلالات.
فبعد أشهر من أزمة عصفت بأركان البرلمان، أدّت إلى قطع التيار بينه وبين الجهاز التنفيذي، قرّر الرئيس قيس سعيّد الذي انتخب في 2019 ، التدخّل لإنقاذ البلاد من هذا الوضع الخطير، معلنا تفعيل الفصل 80 من الدستور وتجميد البرلمان وحل الحكومة والإعلان عن فتح محاكمات ضد كل من تورط في الفساد المالي والسياسي.
واعتبر كثيرون أن هذه القرارات هي الحدث الأبرز في السنة الماضية، إذ دخلت تونس إثرها في حالة استثنائية تولى فيها سعيّد السلطة التنفيذية عبر إصدار المراسيم، قبل أن يضع خريطة طريق للخروج من الأزمة محددا سقفا زمنيا للمرحلة الاستثنائية، يتضمن إجراء استفتاء في جويلية 2022 لتعديل الدستور ثم تنظيم الانتخابات التشريعية المبكرة في ديسمبر ، وذلك بعد مراجعة القانون الانتخابي و السياسي الذي واجه انتقادات كبيرة لفشله في تلبية تطلعات التونسيين، و مراجعة القانون ستتم من خلال استشارة شعبية إلكترونية انطلقت أمس الأول، وهي مخصصة لطرح الشعب أفكارا ستشكل أساسا للتعديلات الدستورية..
عام صعب مضى على تونس التي واجهت أيضا أزمة اقتصادية خانقة ووضعا اجتماعيا صعبا، زاده الوباء سوءا،ما حتّم على الرئيس وضع النقاط على الحروف ومباشرة حملة تطهير ومحاسبة لكلّ من استباح المال العام أو أخل باستقرار البلاد، ولقيت قرارات سعيّد قبول البعض و رفض البعض الآخر، كما شهدت تونس تحركات احتجاجية واخرى مضادة انتصر فيها عدديا مساندو قرارات الرئيس الذين عبروا بالآلاف وفي أكثر من مناسبة عن دعمهم لقراراته و مسار محاكمة الفاسدين و إصلاح الحياة العامة في تونس، و رفع هذا الدعم من شعبية الرئيس.
في حين أنّ سنة 2021، لم تمر بردا و سلاما على حركة النهضة و رئيسها الذي هو رئيس البرلمان المجمّد، راشد الغنوشي، إذ واجه فيها داخل البرلمان عريضتين لسحب الثقة منه، وداخل حزبه واجه عداوة ورفض العشرات من القياديين، كما منع في أواخر جويلية من دخول البرلمان الذي أغلقت أبوابه في وجهه، لتنتهي السنة بتوقيف نائبه.
لقد أمضى التونسيون سنة غير عادية، وهم بدون شكّ لا يريدون في 2022 العودة إلى الوراء أو هدر الانجازات التي حقّقوها منذ عشر سنوات، لهذا نعتقد بأنّهم سينخرطون بقوّة في المسار التصحيحي الذي أطلقه سعيّد، حتى يكون الإصلاح والبناء على أسس متينة.