يبقى ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مدار السنة الهاجس الأول سواء بالنسبة للمستهلكين أو للسلطات العمومية التي تسعى إلى ضبط معادلة متوازنة تضمن حماية للقدرة الشرائية وتضفي الشفافية على التعاملات التجارية.
وفي هذا الإطار، يندرج مسعى إنشاء مؤسسة وطنية لانجاز وتسيير أسواق الجملة الجهوية والوطنية التي يراهن عليها في تصحيح الوضع الراهن المتميز بوجود شبكة لأسواق تفتقر للمقاييس وهي في الحقيقة مجرد فضاءات تنمو فيها المضاربة والاحتكار ويعبث بها الوسطاء غير الاحترافيين الذين يفرضون قانونهم في وضح النهار.
الجميع أصبح يعرف أن منتوجا فلاحيا معينا يبدأ سعره بمستوى مقبول لدى المنتج، لكنه سرعان ما يرتفع بشكل صاروخي ليصل سقفا لا يطاق، مما يحدث آثارا سلبية على صعيد الجبهة الاجتماعية حيث يتحمل المستهلك تكلفة تعدد المضاربين واتساع دائرة هوامش الربح.
بالفعل الداء يكمن في أسواق الجملة الراهنة التي ينبغي أن يعاد إخضاعها للرقابة الذكية وتلجيم مافيا الأسعار فيها بتطهير العاملين فيها بحيث لا يبقى سوى الاحترافيين منهم وعدم انتظار ثلاث أو أربع سنوات أخرى إلى حين انجاز أسواق للجملة المرتقبة بنمط عصري وبمعايير معمول بها في بلدان متقدمة.
إن اقتصاد السوق بكل ما يعنيه من حرية العمل والمبادرة وتنافسية الأسعار لا يعني على الإطلاق ترك الأمور تسبح في فوضى عارمة تنعكس سلبا على الخيارات الكبرى للدولة ومنها تصحيح أوضاع القدرة الشرائية المختل الشرائح. وللأسف كلما أدخلت تحسينات على الأجور لتواكب الواقع كلما قام كبار التجار بفرض زيادات لا تستند لمبررات تجارية مستفيدين من غياب رقابة صارمة وذات أساليب احترافية ومنها تتشكل حلقة مفرغة لا يعقل أن تستمر.
ويجمع كافة المهتمين على أن القدرة الشرائية المتوازنة هي أحد ضمانات الأمن الاجتماعي وروافد الأمن الغذائي.
ومثلما خصت الأسواق الفوضوية بمعالجة قانونية، من المفيد أيضا أن تمتد المعالجة لأسواق الجملة المنتشرة عبر أرجاء البلاد لإدخال أنماط عمل احترافية مثل إلزامية الفوترة وتسقيف الأسعار من حيث أنواع الجودة ومن ثمة يمكن كسر شوكة الاحتكار والمضاربة.
كسر الاحتكار والمضاربة
سعيد بن عياد
02
نوفمبر
2012
شوهد:1431 مرة