المفروض أن تكون الجامعة والحرم الجامعي مكاناً آمناً للبحث العلمي والتطور التكنولوجي وفضاءً هادئا يتم فيه تبادل الأفكار والمعلومات والخبرات.
لكن المتتبع للأوضاع داخل بعض جامعاتنا، يستخلص الكثير والكثير، لا سيما ما يتعلق بالوضع الأمني داخل الحرم الجامعي. وقد أبالغ إن قلت إن بعض الجامعات أصبح من الصعب التفريق فيها بين الطلبة والغرباء المتجولين فيها من دون رقيب ولا حسيب.
كم من مرة تم فيها اعتداء على أساتذة داخل الجامعة من بلطجية وتم غلق تلك الملفات بعد تدخل وساطات على رأسها تنظيمات طلابية. ولكن المعضلة أن هذه الممارسات لا تزال إلى اليوم، بل تفاقمت أكثر في الآونة الأخيرة في عدد من المؤسسات.
إن الوضع الذي آلت إليه الجامعة اليوم، يثير انشغال أكثر من طرف ويجعلنا نطرح أكثر من سؤال... من المتسبب في حالة اللاّأمن داخل الجامعات الجزائرية ومن المستفيد من الوضع؟، ومن الخاسر في المعادلة ومن يتحمل المسؤولية؟.
التنظيمات الطلابية تتحمل نصيبا كبيرا من المسؤولية، فغالبا ما يدخل غرباء إلى الحرم الجامعي بإيعاز من أصدقائهم في تنظيمات طلابية، لا سيما عندما يتم منعهم من الدخول من قبل أعوان الأمن، هنا يتدخل «الأصدقاء» لتسهيل دخولهم إلى الحرم الجامعي لحاجة في نفس يعقوب..
كذلك أعوان الأمن يتحملون جزءا من المسؤولية في حالة الانفلات الأمني داخل الجامعة، لأن هؤلاء الغرباء يدخلون من الأبواب ويمرون على الأعوان، وقد يكون بعضهم متواطئا يغض الطرف عن منكر خطير.
المستفيد هم أصحاب المصالح الضيقة، من لديهم قضايا تصفية حسابات مع البعض داخل الجامعة، فيلجأون للفوضى والبلبلة وفرض منطق التسيب. أما الخاسر فهو الأستاذ الذي يتعرض للتهديد وأحيانا إلى الاعتداء والسب والشتم من البلطجية وحتى من الطلبة.
غياب الأمن داخل الحرم الجامعي يقوض من فرص وأمال النجاح والرقي والإبداع والابتكار، ويكرس للفوضى والعنف ويوفر بؤر الجريمة، في مساحات هي أصلا للعلم والتنافس في الإبداع أول ما يقتضيه حالة الطمأنينة.