مؤسف أن مسائل عديدة لها صلة بمستقبل البلاد مغيبة في المشهد الانتخابي، أمر يثير تساؤلات بشأن مدى إدراك الطامحين لمقاعد الغرفة السفلى حجم التحديات التي تلوح في الأفق، تتطلب رؤية في العمق وقراءة متبصرة للمؤشرات حتى يسهم الجميع في بناء جسر الانتقال الشامل بأوجهه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
يمكن الاختلاف في شتى الأمور ما عدا المعادلة الاقتصادية لكونها تبنى على حقائق لا تقبل التأويل وإنما تستدعي التعامل معها بإستراتيجية قوامها العمل وفقا لقاعدة المصلحة الوطنية، التي تشكل بوصلة تنير الطريق للأجيال، في زمن عولمة شرسة لا تزال تتربص ببلدان ناشئة تتمسك بحقوقها في التنمية والانخراط طرفا فاعلا في صياغة نظام عالمي جديد تنكسر فيه نزعة الهيمنة.
في المدى القريب تبرز كل تلك المؤشرات الناتجة عن تراكمات يزيد من تعقيداتها ضعف الخطاب الحزبي وطغيان النزعة الفئوية في وقت تحتاج فيه المعركة إلى تكاتف الجهود وتظافر الإرادات لتجاوز المنعرج وحينها تسقط الأنانية أمام المصلحة الوطنية لمواصلة مسار البناء ضمن قواعد تغيير هادئ ومتدرج يستوعب كل القوى في مقدمتها الشباب والكفاءات التي يُعوّل عليها في إنتاج حلول سريعة وبأقل كلفة لمشاكل مستعصية تستنزف الموارد.
المعركة المصيرية تبقى في حقل الاقتصاد بكل قطاعاته المالية والإنتاجية والتسويقية، من أجل مواجهة مواطن الخلل ومعالجة نقائص في مجالات عديدة لا تصمد أمامها خطب رنانة أو شعارات براقة إنما تخشى من سواعد قوية وأدمغة مبدعة لغتها العلم والتكنولوجيا وروحها حوكمة في الإدارة تقلل من وطأة صدمة أزمة مزدوجة مالية وصحية، ليست بالتأكيد قدرا محتوما، في بلد يتوفر على مقومات النهوض، من إرادة سياسية صريحة بخوض غمار التحرر من التبعية للمحروقات، جذب الاستثمار الأجنبي المباشر موازاة مع ترقية مناخ الأعمال، إزالة البيروقراطية ومكافحة الفساد، عدو النمو ومعضلة المرحلة.