في مثل هذا اليوم من كل سنة، تحتفي الجزائر باندلاع ثورتها المظفرة من أجل تحرير البلاد وطرد المستعمر الفرنسي والمعمرين، بقوة السلاح والتضحيات الجسام، وقبل هذا التاريخ من عام ١٩٥٤ منحت فرنسا لنفسها قرنا وربع القرن، من أجل ترسيم إلحاق الجزائر بها كمقاطعة مقننة في الدستور، وعمدت الى انتهاج سياسات التنصير والتحقير والاستيطان ومصادرة الأراضي والفرنسة والقمع والقتل والحرق، لتفاجأ بانفجار الشعب الذي كبت غيض معاناة طويلة.
لقد اتخد قرار اللجوء الكفاح المسلح لاسترجاع السيادة على كل شبر من هذا الوطن، مجموعة من الشباب الوطنين المتشبعين بقيم التحرر، وما قرار الثورة على أعتى القوى الاستعمارية بهين، لولا الايمان القوي بنجاح الهدف المنشود، النابع من ايمان الشعب الذي احتضنها منذ ان قرأ على مسامعه بيان اول نوفمبر، وما فشل شعب في مسعاه وهو على دراية ويقين بعدالة قضيته وشرعية استقلاله عمن يستعبده في ارضه ويتخذ جهده وموارده لتمويل اقتصاده وضمان الرفاه لمن كان مشردا في أزقة اوروبا، واصبح سيدا في وطن الأحرار.
وفي مدة جاوزت السبع سنوات بأشهر قليلة، حققت الثورة الجزائرية نصرها العظيم، مقدمة مليون ونصف مليون شهيد وأرقاما فاقت الملايين من المعطوبين و المفقودين والقرى المداشر المدمرة والاراضي المحروقة لكن النصر تم، وشرع في بناء أسس الدولة الحديثة على مبادئ وقيم تعكس اصالة الشعب الجزائري وهويته التي أبت أن لا تندثر، كما شكلت طموحاته واماله في عيش كريم في وطنه جوهر مرحلة البناء هذه.
وبعد ثمانية وخمسون سنة عن انطلاق الكفاح الثوري الذي يستذكره كل جزائري بفخر واعتزاز امام العالم الشاهد على عظمة ثورته، يأتي الموعد اليوم للتمعن والاستلهام من ماضينا ليبنى عليه المستقبل، ويطمح جيل اليوم الى الاطلاع بدقة على المراحل الدقيقة من تاريخ الجزائر، والتضحيات التي قام بها أجداده في سبيل ان يحيا كريما في وطنه، والتحدي ليس كتابة التاريخ فقط بل تهيئة بيئة الحياة التي يطمح لها هذا الجيل، وخدمته التي تعني خدمة البلاد ككل، وبلوغ درجة رفيعة بين الدول، كالتي بلغتها ثورته في القرن العشرين.
قبل الفاتح وبعده..
حمزة محصول
30
أكتوير
2012
شوهد:1416 مرة