لا تزال التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية إبان الاحتلال تقدم دلائل ملموسة تصنفها جرائم ضد الإنسانية لا يمكن القفز على ما خلفته من أضرار للإنسان والبيئة.
تقرير المؤرخ بنجامين ستورا حول الذاكرة بمنظار الدوائر الفرنسية الرسمية سقط في نفس المقاربة التي تحملها المدرسة الاستعمارية محاولا الالتفاف على ما ارتكبته جيوش الاحتلال منذ أن وطأت أقدامهم أرض الجزائر الطاهرة ولم يهدأ لهم بال دون توقيع تلك الجرائم النووية لتمسك بهم الذاكرة الحية للشعب الجزائري.
غداة استرجاع السيادة الوطنية انصب الاهتمام على إعادة بناء الدولة وتخليص المجتمع من مخلفات حقبة استدمارية غاشمة فاقت كل تصور، لكن بقيت الذاكرة الجزائرية تختزن تلك البشاعة التي قام بها عساكر فرنسا الاستعمارية وعلماؤها المتورطون في إنتاج أسلحة نووية لتروى للأجيال بكل أمانة، أمر حاول مؤرخهم طمسه لكن هيهات..
ليس من مخرج للذاكرة في الضفة الأخرى سوى العودة إلى الحقيقة لتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية تجاه ضحايا تلك التفجيرات كونها جريمة ضد الإنسانية بامتياز لا تختلف عن الهولوكوست، توّجت مسارا كله جرائم اقترفت في حق أجيال لم تستكن ولم تستسلم للأمر الواقع فأبدت أبا عن جد إرادة صلبة لا تلين في الدفاع عن الجزائر وكرامة شعبها.
بنفس العزيمة والإصرار مستمرة اليوم للدفاع عن ذاكرتنا بكل آلامها وبطولاتها تنقل ما حصل طيلة 132 سنة، لم تتوقف خلالها مقاومة الاحتلال والتموقع في الطليعة لضخ تلك الإرادة لدى الشعوب في إفريقيا لتتخلص من نفايات العنصرية والاستغلال.
عن أي ذاكرة يتحدث قوم ستورا وخلاصته أقرب لما كان يصدر عن مكاتب «لا صاص» وتقارير لا كوست، بيجار وماسو ورمز الإرهاب الاستدماري أوساريس وأمثالهم ممن احترفوا التقتيل والإبادة والتعذيب الممنهج، بلغ ذروته بتفجيرات نووية بالصحراء الجزائرية انتقاما من أرض لفظتهم ومواطنين قاوموا بصدور عارية ليوقّعوا شهادة وفاة حقبة استعمارية بغيضة.