لم تمض ساعات على الاتفاق بين الأطراف الليبية في مدينة بوزنيقة المغربية حتى تعالت أصوات شعبية داخل الاراضي، داعية إلى تصعيد التظاهر والاحتجاج ضد أوضاع داخلية ميّزها تردي الاوضاع الاجتماعية بشقيها الاقتصادي والانفلات الأمني، أثر ذلك على الآلة النفطية في البلاد وعمّق الفروقات الاقتصادية للمؤسسات المنتجة بسبب الصراع السياسي.
الشعب الليبي بات على دراية تامة بأن الحوار السياسي بين اطراف النزاع منذ سقوط النظام مع ثورة «فيفري» سنة 2011، لم يعد مقبولا لإنهاء الازمة السياسية لاسيما مع انتشار وباء كورونا، الذي أنهك ما تبقى من قوى لدى الشارع الليبي أمام استمرار حالة «الحرب»، ولم يعد حلم بناء دولة كما وصفها شيخ المجاهدين والشهداء عمر المختار لا تزول بزوال المجاهدين سهل التحقيق مع تغول المصالح الشخصية للمسؤولين المشاركين في جلسات الحوار.
مطالب شعبية في غالبية المدن الليبية ترفع شعار «ضعوا الكمامات على فوهات البنادق»، لأن ما خسرته ليبيا جراء الصراع الطاحن يفوق بالآلاف ما قضى عليه فيروس كورونا.
حناجر الشباب من بنغازي غربا الى طرابلس شرقا بصوت واحد تدعو لوقف بنادق الميليشيات ضد مدنيين عزل، مطالبين بتحسين الوضع المعيشي جاعلين مصلحة البلاد فوق كل المصالح الشخصية، لأن الحوار السياسي لم يعد يجدي نفعا بعد قرابة عشر سنوات في انهاء التطاحن بين طرفين، وكل منهما متمسك بشرعيته في الحكم.
الليبيون وصفوا الحوار السياسي الاخير في المغرب بإنصاف حلول، لم تضع الارادة الشعبية في أجندات الحل النهائي، وغرد ناشطون ليبيون «نحن في واد والمتحاورون في واد آخر»، الجميل في مطالب الشعب انها وطنية واستقلالية لا تميل لأي طرف في النزاع، كما أنها ترفض المصالح الأجنبية.
بناء ليبيا جديدة يكون بسواعد ابنائها في الداخل والخارج دون إقصاء حتى يتحقق حلم الوطن، غير أنّ دعوة شعبية لاحتضان الجزائر لحوار الفرقاء لا تعارضه الأغلبية، فالروابط التاريخية بين الشعبين وامتزاج دم شهداء الثورتين الليبية والجزائرية قاسم مشترك يبقى عربون وفاء أبدي نحو التزام الجزائر الراسخ بالوقوف مع الجيران في السّلم أو الحرب.